وكالة العرب.. عبد المجيد رشيدي
الفن التشكيلي ليس مجرد ألوان وأشكال، بل هو لغة عالمية تنبض بالمشاعر وتعكس هوية الإنسان وبيئته. في هذا العالم الساحر، تبرز الفنانة التشكيلية التونسية سلوى عيسى كواحدة من أبرز الأسماء التي استطاعت أن تصنع بصمتها الخاصة، حيث تمزج بين التراث التونسي العريق والرؤية الفنية المعاصرة.
وُلدت الفنانة سلوى عيسى في تونس، البلد الذي يُعد مهدا للفن والحضارة، وبالضبط في مدينة زغوان، كما نشأت في بيئة مشبعة بروح الأصالة والجمال، ما أثر بشكل كبير على مسارها الفني، منذ طفولتها، أظهرت شغفا بالرسم والتعبير عن مشاعرها عبر الألوان، لتبدأ رحلتها مع الفن بتعلم تقنياته المختلفة وتطوير أسلوبها الخاص، الذي يعكس رؤية فريدة تجمع بين الكلاسيكية والحداثة.
تتميز لوحات سلوى عيسى بأنها نافذة إلى عالم داخلي مليء بالتفاصيل الدقيقة والرموز العميقة. تعتمد في أعمالها على المزج بين الألوان الزاهية والزخارف التونسية التقليدية، مثل الأبواب العتيقة والزخارف الهندسية، مع إيلاء اهتمام خاص بالخط الكوفي القيرواني الذي يُعد جزءا من الهوية الثقافية التونسية.
الخط الكوفي القيرواني، الذي تشتهر به أعمالها، يظهر كعنصر رئيسي في لوحاتها، ليمنحها طابعا تراثيا خاصا. شاركت الفنانة سلوى عيسى في معارض بتونس مع الجمعية التونسية للخط، حيث لاقت أعمالها إشادة واسعة لإبداعها في استخدام هذا الخط بأسلوب عصري.
في لوحاتها، نجد المرأة محورا أساسيا يعكس القوة والجمال في آن واحد، تجسد سلوى المرأة في لوحاتها لتعبر عن قضايا الهوية، الحرية، والصراعات الداخلية، هذه اللوحات تصبح مرآة تعكس واقع الإنسان وعمق تجربته، حيث تمثل المرأة رمزا للأمل والطموح، متجذرة في التراث لكنها ماضية نحو التجديد.
لم تكتفِ الفنانة التشكيلية سلوى عيسى بمسيرتها داخل حدود تونس، بل حملت أعمالها إلى المعارض العالمية، حيث لاقت إشادة واسعة من النقاد والجمهور، فلوحاتها أصبحت جزءا من مجموعات فنية هامة، ما جعلها سفيرة للفن التونسي في المحافل الدولية، تسلط الضوء من خلالها على عراقة التراث التونسي وروحه المتجددة.
علاوة على إنجازاتها الفنية، تسهم سلوى في دعم الفنانين الشباب من خلال تنظيم ورش عمل ومعارض جماعية، إيمانا منها بأهمية تبادل الخبرات ونقل المعرفة للأجيال الجديدة.
تؤمن الفنانة سلوى عيسى بأن الفن هو وسيلة للتغيير والتعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية، في إحدى مقابلاتها، صرحت قائلة: "الفن هو الطريقة التي أستطيع من خلالها أن أوصل صوتي وصوت كل من لا يستطيع التعبير بالكلمات، ألواني هي كلماتي."
سلوى عيسى ليست فقط فنانة تشكيلية، بل هي صوت إنساني يعبر عن الأمل والطموح. من خلال أعمالها، تقدم رؤية فنية مفعمة بالحياة وتلهم الأجيال المقبلة للحفاظ على التراث مع السعي نحو التجديد.
بهذا، تظل الفنانة التشكيلية سلوى عيسى مثالا حيا للفنانة التي استطاعت أن تجمع بين روح الوطن وأفق العالم، لتصبح واحدة من رموز الفن التشكيلي التونسي الحديث، تاركة أثرا عميقا في قلوب كل من يشاهد أعمالها.
