جزيرة الأحلام . يوم الزراعة

جمعة, 05/23/2025 - 11:56

 

 

نازنين الجاف

 

فتحت عيني وانا اشعر بالبهجة والامتنان على ما أنا عليه لانني محظوظة للغاية ومازلت على قيد الحياة واعيش مع أشخاص لطفاء . وهكذا كتبت يومي السابع في الجزيرة على الجدار بقطعة من الفحم الموجود على الارض وهو من بقايا الاخشاب التي نحرقها يوميا للطبخ . 

 

عندما خرجت من الكهف كانت الطفلة جميلة هي اول من استقبلني بابتسامتها المعهودة فقد كانت تنتظر بفارغ الصبر حتى تلعب مع الماعزان . سلمت عليهم واكلنا قليلا ثم قسمت العمل بيننا وطلبت من ليلى وزوجها ان يعودا لاكمال بناء منزلهم . 

 

ذهبنا أنا وسليم لنبحث عن مكان قرب البحيرة ثم اخترنا مساحة كبيرة من الأرض التي كانت صلبة ولكنها صالحة للزراعة  .وصنعنا من الأحجار المسطحة الخفيفة الحادة والسكاكين التي كانت بحوزتنا اداة حراثة ربطها على الماعزان وأصبح يسير بهما ذهابا وإيابا حتى يتأكد من قلب التربة . ثم بدأ بحفر الأرض نحو البحيرة ليصنع مجرى للماء من اجل سقي المحاصيل فقد كان لدينا الكثير من البطاطا والبذور التي أنقذناها من السفينة الغارقة كالحمص والفول والعدس والخضروات  .

 

كنا في بداية الربيع وموسم الزراعة . لقد كان هذا الرجل محترفا بكل شي يعمله وكنت مبهورة بما يصنعه فقد كان يغرس البذور في صف واحد ويترك مسافة كبيرة بينهم . بعد فترة من العمل الشاق قررنا أن نجلس فناديت الآخرين كي ناخذ قسطا من الراحة ونأكل ونشرب ثم نذهب جميعا لجلب الطيور وصغارها والبيض حتى نستفيد منهم ومن مخلفاتهم كسماد للزرع . ثم توجهنا نحو بحيرة البجع وقد كان الطريق طويلا وعندما وصلنا ارتحنا قليلا وأخذنا معنا اكبر عدد ممكن من البط مع فراخها وعدنا أدراجنا قبل ان يحل علينا الظلام .

 

عند عودتنا وبعد ان مشينا مسافة قصيرة سمعنا طنين النحل فاتجهنا نحو الصوت فإذا بخلية كبيرة معلقة فوق شجرة ليست عالية يقطر منها العسل . عجبت من صغر احجامهم فقد كانوا يشبهون البعوض وهم كثيرون جدا قد يصل عددهم المئات وعندما اقتربنا منهم تجمعوا حولنا ولكن لم يكونوا يلدغوا على خلاف ما كنت اعرف فصعد سليم فوق الشجرة وحاول ان يقطع الجذع كله وكان حريصا على نقل الخلية كاملة . اخذ أقماع العسل ووضعها داخل الدلو وغطاها بورق الموز ثم اسرعنا في خطواتنا حتى نصل الى مسكننا لنتذوقه . 

 

اطلقنا سراح البط داخل البركة ليملئوا المكان جمالا . أما زوج ليلى رجب فقد صنع منحلة اخرى من الخشب وجذوع الاشجار وعلقها في اعلى الشجرة وغطاها بالأوراق كي يكون مكانها مظلما ولا تصله أشعة الشمس مباشرة  .وبينما كان الرجال غارقين في العمل أشعلنا النار أنا وليلى وجهزنا عشاء شهيا فقد كان لدينا البيض والعسل والموز وجوز الهند وصنعنا فطيرة لذيذة وجلسنا حول النار وكنا نستمتع بطعامنا على ضوء القمر ونحن نتبادل الحديث عن إنجازاتنا لهذا اليوم ثم تمنينا ليلة سعيدة لبعضنا على أمل ان يطلع علينا فجر يوم آخر جديد  ..

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف