العرب في الدوحة.. إلى أين تتجه القمة؟

اثنين, 09/15/2025 - 12:04

 

‏محمد النصراوي

‏مرةً أخرى يجتمع العرب في قمةٍ طارئة، وهذه المرة في الدوحة، حيث العناوين كبيرة، والبيانات المنتظرة مشبعةً بالوعود، لكن الأسئلة المقلقة تطفو على السطح: هل نحن أمام محطةٍ مفصلية فعلاً، أم مجرد ورقةٍ جديدة تضاف إلى أرشيف بيانات "الشجب والتنديد"؟

‏الواقع أن هذه القمة لم تُعقد لتغيير مسار الأحداث بقدر ما عُقدت لتسكين غضب الشارع العربي، وإعطاء الانطباع بأن الأنظمة "تفعل شيئاً"، الأهداف غير المعلنة أكثر وضوحاً من الكلمات الرسمية: كل دولةٍ دخلت القاعة وهي تحمل أجندتها الخاصة، لا أجندة الأمة؛ فالبعض يبحث عن تعزيز موقعه أمام حلفائه الدوليين، آخرون يريدون استخدام "قضية العرب" كورقة مساومةٍ مع واشنطن أو تل أبيب، بينما هناك من جاء فقط لتجنب تهمة الصمت.

‏التوترات بين الدول المشاركة لا تحتاج إلى مجهر، في الكواليس، السعودية وقطر تتبادلان الحذر أكثر مما تتبادلان الثقة، مصر تبحث عن إثبات حضور لكنها عاجزةٌ عن تجاوز أزماتها الداخلية، العراق يرفع صوته لكنه محاصر بتوازناتٍ معقدة، بينما الإمارات تمارس لعبة "الواقعية" التي تميل غالباً إلى التطبيع المقنع، هذه التناقضات وحدها كفيلةٌ بإفراغ القمة من مضمونها قبل حتى أن تبدأ.

‏أما القوى العالمية فهي اللاعب الخفي الحاضر في كل مقعدٍ فارغ، أمريكا تراقب وتبتسم، لأنها تعرف أن القمة لن تتجاوز البيانات، وإسرائيل تدرك أن الدول العربية منقسمةٌ على نفسها، فلا حاجة لبذل جهدٍ كبير لإضعاف مخرجات الاجتماع.

‏قارنوا هذه القمة بما سبقها من قمم، كلها رفعت شعاراتٍ كبرى، لكن ماذا بقي منها؟ النتيجة واحدة، بياناتٌ مؤثرةٌ لغوياً، غير مؤثرةٍ عملياً، والسبب بسيط، لا توجد إرادةٌ سياسيةٌ موحدة، بل مصالح متضاربة وأنظمةٌ تبحث عن النجاة الفردية أكثر من بناء موقف جماعي.

‏السيناريوهات الواقعية لنتائج هذه القمة: بيانٌ ختامي قوي في اللغة وضعيفٌ في التنفيذ، ربما لجنةُ متابعةٍ تُدفن تحت ركام البيروقراطية، وربما قرارٌ رمزي لتهدئة الرأي العام، لا أكثر، أما السؤال الحقيقي فهو هل ستُحدث قمة الدوحة فرقاً؟ الجواب المرجح لا، إلا إذا حدث ما لم يحدث في كل القمم السابقة، أي الانتقال من لغة الشعارات إلى منطق الفعل، وهذا يتطلب جرأةً سياسية مفقودةً منذ عقود.

‏إلى أن يحدث ذلك، ستظل القمم العربية مثل محطات بنزينٍ مهجورة على طريق طويل، لافتات مضيئة من بعيد، لكن الخزانات فارغة.

 

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطراف