
تقرير عبده بغيل خاص وكالة العرب
تُشكل قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية جرحاً غائراً في جسد القضية الفلسطينية، وتُعد شاهداً حياً على سياسة القمع والتنكيل التي يمارسها الكيان الصهيوني. وفي شهادة تُجسد عمق هذه المأساة، وصف الأسير المحرر والإعلامي الفلسطيني عماد الإفرنجي، الواقع الصعب الذي يعيشه الأسرى داخل معتقلات الاحتلال بـ"الأكثر قسوة"، مؤكداً أن "يومًا واحدًا في السجون اليوم يوازي عامًا كاملًا من الحرية .
معاناة الاسرى الفلسطينين تتحاوز حدود الوصف الإنساني، لتشمل تعذيباً جسدياً ونفسياً ممنهجاً. فبحسب الإسرى لا يمكن تصور حجم "التعذيب والتنكيل، والتفتيش العاري والإهمال في العلاج"، مشيرين إلى استخدام "سلاح الجوع" الذي ينهش الأسرى، وإلى أصناف من العذاب تشمل "التنكيل بالكلاب المدربة، وإطلاق النار، والضرب، واللكمات" مما "تشيب منه الولدان".
وفي اللحظة التي تفتحت فيها أبواب السجن على ضوء الحرية، بعد حرمان طويل، كانت النظرة الأولى للسماء الخالية من "الشبك الحديدي" الذي حجبها لسنوات هي أقصى درجات الفرحة. يستعيد الدكتور سامر الحلبية ذكريات عشر سنوات قضاها خلف الجدران العالية، من أصل حكم دام 32 عاماً، مؤكداً أن الأسرى عاشوا سنتين من "الجوع والخوف والتعب". صدمة الإفراج المفاجئ كانت عظيمة، شعور بـ "الفرحة التي لا توصف" ممزوجة بفخر لا يحدّه شيء بعظمة الشعب الفلسطيني وصموده.
الأسير فيصل المحكوم بثلاثين عاماً،يروي تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن رحلة الإفراج نفسها، واصفاً إياها بـ "القاسية والمذلة"، ليؤكد أن فرحته "منقوصة". قال بمرارة إن ما تعرض له الأسرى خلال السنتين الماضيتين من ضرب وإهانة وإيذاء "لو وزع على نصف الأمة الإسلامية لكفاهم".
يأتي تصريح الأسير المحرر أيهم كممجي من خارج أرض الوطن ليكون شهادةً نابضة من قلب المعاناة، ورسالةً تفيض بالامتنان والإجلال. بعد إطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، يوجه كممجي كلماته لأهل غزة، الذين حوّلوا بسالة صمودهم أسطورةً خالدة في مواجهة آلة الحرب، واصفًا ما قاموا به خلال الحرب بأنه "أسطورة حقيقية يعجز عنها أي كائن بشري".
وهذا الاسير الذي كان تلقى خبر استشهاد والده في قطاع غزة في احدى الغارات العدو الصهيوني الا انه تفاجئ بان والده حي يرزق فما كان منه ان جثى على ركببته ليقبل اقدام والده باكيا من شدة الفرحة.
هذه الشهادات، التي تأتي على لسان من عاشوا خلف القضبان ، تفرض على العالم مسؤولية أخلاقية وإنسانية لكشف هذه الجرائم والمساهمة في إنهاء معاناة آلاف الفلسطينيين الذين يقضون سنوات عمرهم في ظلمة سجون العدو الاسرائيلي.
