
يوسف السعدي
اقتراب موعد الأول رجب، ذكرى رحيل شهيد المحراب، يفتح باب تساؤل جاد حول جوهر مدرسةٍ لا تنتهي جذورها عند لحظة استشهاد، بل تمتد عبر خط قيادي يتغذى قيم اعتدال، يعبق روح وطن.
استدعاء السيرة ضرورة أخلاقية قبل كونها ضرورة تاريخية، شهيد المحراب رمز زهد، تواضع، العلم، بذل كل شيء لأجل وطن، تاركاً لنا مدرسة عقلانية تربط الإيمان بالعمل، وترفع الإنسان فوق نزعة طائفية أو انتفاعية،أما السيد عمار، وريث تلك المدرسة، فاستمرار ممسوك بيد حكيمة، يخيّر الحوار على النزاع، يقدّم وطن على تيارات شخصية، ويحوّل التاريخ إلى مشروع سياسي عملي.
شهيد المحراب اعتمد خطاب غير متوتر، متزن، واعٍ لطبيعة المجتمع، بنى جسوراً داخل شعب، جعل من وحدة الصف غاية حقيقية، السيد عمار يعيد إنتاج تلك الحكمة اليوم، يحمل نبرة هادئة، يوازن بين تيارات متعاكسة، يدعو تهدئة انفعالات، يثبت أن الاعتدال ليس ضعفاً بل قوة.
مكانته نمت من احترامٍ مبني على علمٍ وروحٍ، وعلاقات إنسانية صادقة مع الجمهور، لا تصنع فيها ولا تكلّف. أما نهج السيد عمار فامتداد طبيعي لذاك الأساس، تمثّل بثقة واسعة بنتيجة تواصله المفتوح، لقاءاته المستمرة، قدرته على احتضان أطراف مختلفة دون تحزّبٍ إقصائي.
كانت قناعته أن الوطن فوق الذات، وأن المصلحة العامة أسمى من الشخصية، وهي ذات الرؤية التي يكرسها السيد عمار تركيزاً على مستقبل بلد، دعم إصلاحات، تغليب إرادة عامة على حساب امتيازات. الدين عندهما روح توحيد لا صراع، وشعيرة تهذيب لا أداة خصام، قيم وعدل ورحمة تتقدم على أي مكسب عابر.














