لكل جريمة أسباب و دوافع ، و مقدمات و نتائج ، و أيادٍ خفية تقف خلفها ، وعقل مدبر يُحرك ادواتها من خلف الكواليس وهذا ما يدعونا لإطالة النظر في كشف ملابسات اغتيال الخليفة الثاني عمر ( رضي الله عنه ) فرغم اختلاف الاراء و كثرتها لكنها لم تصل إلى الحلول المنطقية في تحديد خيوط الجريمة النكراء ، فقد تضاربت وجهات النظر بين القدماء و المعاصرين ففي القديم نجد نقولات السلف الصالح قد اعطت الملامح الواضحة وملابسات الحادثة و أما المعاصرون فنجد ابرزهم تنظيم داعش الذي اتهم الجن دون أن يدعم اتهامه بالأدلة القطعية التي تثبت صحة ادعاءه ، وفي المقابل نجد التحقيق الدقيق المدعم بالأدلة العقلية و النقلية لرجل الدين المحقق الصرخي الحسني قد استند على آثار القدماء في تعقبه لخيوط الجريمة ، وقد خرج بأدلة منطقية نسفت كل ما تمسك به داعش وبطلان ما يدعونه بحق الجان وأنه مَنْ يقف خلف حادثة الاغتيال ؟ فقد تمكن الصرخي من الكشف عن هوية الفاعل ممثلاً بالأيادي التي شاركت بها من اجل طلب الجاه و المال و السلطة و لعل من اوضح تلك الادلة ما تناقلته ابرز المصادر الاسلامية وفي مقدمتها صحيح البخاري في فضائل الصحابة و سير اعلام النبلاء للذهبي و تاريخ دمشق لابن عساكر و ابن حجر في الاصابة و تاريخ الطبري ( الجزء الثاني ) و المسعودي في مروج الذهب فكلها حملت لنا الأدلة القاطعة على عدم تمامية ما يذهب إليه داعش و أئمتهم وأن المستفيد الاول من مقتل خليفة المسلمين عمر ( رضي الله عنه ) هو المغيرة بن شعبة وعلى يد غلامه المجوسي يرفأ الذي اظهر سخطه على الخليفة لعدم تخفيف خراج مؤونته حتى توعده بتلك الجريمة النكراء ، لكن بيت القصد ليس هنا بل في مَنْ مهد له الطريق و أعد له كل متطلبات نجاح الجريمة ولا يخفى القول عن دور المغيرة بهذه الجريمة بدافع المال و السلطة لانه كان محدد بوالي المدينة ولا حق له بجباية الاموال فكان السبب الاساس الذي دفعه للتخطيط في تدبير عملية الاغتيال ، ففي تاريخ الطبري الجزء الثاني نقلاً عن لسان الخليفة عمر ما نصه ( قال عمر : اخرج فانظر مَنْ قتلني فقال يا امير المؤمنين قتلك أبو لؤاؤة غلام المغيرة بن شعبة ، قال الحمد الذي لم يجعل منيتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة ) وهذا ما اورده البخاري في فضل الصحابة فتلك الحادثة كانت موضع نقاش و استفهام عند المرجع الصرخي لفداحة خطرها و عظم وقعها على الامة فقال الصرخي : ((فيأتي الاستفهام عن أنه كيف دخل القاتل المسجد و نفذ جريمته بكل سهولة و انسيابية ، و بالرغم من أن القاتل قد قتل سبعة من المصلين و طعن ستة آخرين قبل أن ينتحر أو يُقتل فتختفي آثار و دوافع و اصول و منابع الجريمة )) مقتبس من المحاضرة (19) من بحث وقفات مع التوحيد التيمي الجسمي الاسطوري في 18/2/2017 .
فخيوط الجريمة معقدة تنم عن تعدد الادوار و الايادي التي تقف خلفها فإننا نجد انفسنا أمام حادثة خطيرة تدعو كل المسلمين إلى اعادة النظر في تأريخهم و القراءة المستفيضة للأحداث و الشخصيات البارزة فيه حتى تميز بين الاسلام المحمدي و الاسلام الصهيوني .
https://www.youtube.com/watch?v=pyg3QCollVI
بقلم // احمد الخالدي