فى رأى الكثيرين أن السعودية لا تعتبر دولة حقيقية بل هى شركة محاصة و أسهم تتقاسمها العائلة المالكة و ما يوزع على ما يسمى بالشعب السعودى هى فتات فوائض بيع الثروات النفطية.
في نظر الكثيرين الملك السعودى سلمان لا يختلف كثيرا عن الرئيس المدير العام التنفيذى لبعض كبار الشركات العالمية مع الفارق ان رئيس هذه الشركات يخضع لضوابط قانونية تحددها قوانين الشركة فى حين أن الملك سلمان لا يخضع لأى ضابط مهما كان نوعه عند قيامه بهذه المهمة, فعملية توزيع فتات الثروات المنهوبة من الملك و العائلة المالكة الموسعة هى التى تخضع لضوابط و مقاييس مسبقة و من بينها ضرورة الولاء و الانحياز لقانون الصمت الدائم و من هنا شبه البعض هذا ” التوزيع ” الملكى بالرشوة المباشرة و على قدر الولاء يكون التكسب و الكسب.
فى الواقع يحاول النظام بعدة طرق و من بينها شراء بعض الذمم الاعلامية الداخلية و الخارجية للإيحاء بأن فى السعودية مؤسسات و خطط تنموية لكن الحقائق التى يعيشها الشعب يوميا تذهب الى خلاف ذلك و على سبيل المثال فالمعلوم أن دخول النظام الحرب الوحشية ضد اليمن لم يكن يخضع الى أي ضوابط لان الانظمة العادية لا تدخل الحروب كما تشاء بل أن الشعب باعتباره المصدر الاول للسلطات يجب ان يستشار عن طريق ممثليه فى البرلمان .
لا وجود فى السعودية لبرلمان منتخب يمثل مصالح الشعب و يتم استشارته فى تمرير القوانين و فى دخول الحروب العسكرية المكلفة، هذا بالطبع يؤدى الى اطلاق يد الملك فى دخول الحروب و اهدار المال العام و تعريض المصالح الاقتصادية للدولة للانهيار كما يحدث اليوم بسبب الانفاق الهائل الذى تطلبته الحرب الارهابية على سوريا و الحملة الصهيونية القذرة على اليمن, و من المفارقات العجيبة أن النظام يستغل توفر هذه السيولة المالية الضخمة لنزواته و شطحاته و شذوذه و يوفرها أيضا لتمويل صفقات خيالية من الاسلحة المختلفة من المؤكد أن دورها الوحيد هو ارهاق الميزانية و التفريط المجانى فى مكتسبات المجموعة الوطنية التى تعانى من بنية تحتية علمية و ثقافية متدنية ، من المفارقات أيضا أن النظام لا يستأنس اطلاقا بآراء و ملاحظات و تقديرات جمعيات حقوق الانسان و بقية المنظمات التى تحثه على فتح الفضاء السعودى لحرية الرأى و التعبير أمام كل الاصوات المعارضة التى باتت تشعر بأن مساحة الوطن قد تحولت الى سجن كبير لا يمكن التفاعل فيه بسهولة خاصة بعد أن احكم النظام قبضته على كل الاصوات و استعان بالمؤسسة الدينية و بالقضاء المشبوه لتصفية معارضيه بالإعدام رغم تعالى أصوات المجتمع الدولى الرافض لمثل هذه السلوكيات الوحشية التى تعود عليها النظام قبل و بعد اغتيال الشهيد باقر النمر .
يشير موقع “DEFENSE ONE ” فى تقرير بعنوان مثير ” ابدؤوا الاستعداد لسقوط المملكة السعودية ” أن هناك عدة تقارير مزعجة قد وضعت على طاولة الرئيس الامريكى تؤكد أن النظام السعودى يمر بأحرج لحظات وجوده نتيجة ارتداد الفشل المتصاعد لسياسته العدوانية الارهابية فى سوريا و العراق و اليمن و مصر ، هذا التقرير الذى أعدته عدة قيادات سياسية مهمة فى المطبخ السياسى الامريكى و أشرفت عليه عديد الشخصيات مثل المستشارة السابقة لهيئة الاركان الامريكية المشتركة السيدة سارة شايز و عدة منظمات دراسية سياسية مشهورة مثل مؤسسة “كارينغى ” كشف بالوثائق و التحاليل أن النظام السعودى قد بات على حافة الانهيار لان الفشل فى سوريا و اليمن بالذات ستكون لهما ارتدادات و ارهاصات متواصلة على المدى القصير و المتوسط و البعيد ليس للنظام أية طاقة لتحملها خاصة فى ظل حالة نفور شعبى و تصاعد النقمة عليه و وصول الطبقات المثقفة الى نفق مظلم و حالة من الاحباط الغير مسبوق بعد أن تصاعدت وتيرة الاستبداد و اهدار الاموال العمومية و كبت الاصوات المعارضة و اعدامها بلا شفقة و لا رحمة ، بطبيعة الحال خروج مثل هذه التقارير الى العلن يؤكد أن صمت المجتمع الدولى و بالذات بعض الدول التى لا تريد اغضاب النظام حتى لا تخسره كحريف دائم فى صفقات شراء الاسلحة و غيرها قد بدأ يتفتت بل لنقل بمنتهى الصراحة أن كشف هذه التقارير الان يؤكد أن صانعى القرار فى بعض الدول الغربية قد فقدوا نهائيا الامل فى “تعويم ” النظام السعودى ليبقى مقبولا الى حد ما و ابتزازه بهذه المواقف اللئيمة لمزيد جره لإيداع اكثر ما يمكن من الاموال النفطية لخدمة الاقتصاد الغربى .
ربما لم يتوقع البعض أن يفشل النظام بهذه الصورة المرعبة سواء فى حربه الارهابية على سوريا و ما تطلبته من مليارات خيالية أو فى حربه على اليمن نظرا لتباعد الامكانيات العسكرية ، ربما لم يتوقع البعض أن تكون التكلفة مرعبة الى هذا الحد الذى جعل الخزانة السعودية تعانى من عجز مرهق لم تعرفه منذ الطفرة النفطية فى الحجاز ، لكن من الواضح أن نظام المافيا السعودى لم ينتبه حتى لبعض الاصوات العاقلة من داخل النظام نفسه و التى طالبته بإعادة ” جدولة ” طموحاته السياسية و اتخاذ قرارات صعبة و مؤلمة لتفادى الكارثة قبل الاوان ، فى هذا الاطار نلاحظ اليوم أن النظام قد وقع تهميش دوره كشريك فى المؤامرة على سوريا بشكل لافت و مذل و أصبح مجرد شاهد على حوار يدبره الروس و الاتراك و الايرانيون لحل المشكل السورى سياسيا مع التأكيد كما حصل على لسان الرئيس الامريكى الجديد على القبول بدور مستقبلى للرئيس بشار الاسد ، فى هذا السياق لم تحقق الحملة القذرة على اليمن أية أهداف مرئية تبرر هذا الهجوم و هذه الاموال المهدورة و ما نتج عنها من هذه السمعة الدولية السيئة التى باتت تميز المملكة عن بقية دول الخليج بالذات ، يقال أن الثورة فى السعودية آتية لا ريب فيها و يقال أيضا أن النظام قد فقد مبررات وجوده أصلا و هذا يحيلنا طبعا لمقدمات سقوط بن على و مبارك و لعل التاريخ سيعيد نفسه.
أحمد الحباسى