لا ينكر منصف أن جُل التاريخ الإسلامي قد كُتب بايادٍ مختلفة عقائديا
ومذهبيا وفكريا مما انعكس على الحقائق التي عاشها الإسلام أبان الدولتين
الأموية والعباسية وما بعدهما ، كما لا ينكر الكثير ان ما نعيشه اليوم من
خلافات واختلافات نتجت عنها دماء وارهاب وتقتيل وتهجير ما هي إلا بسبب
تلك الوقائع التاريخية التي شابها التزوير والتزييف والتدليس حتى اخذها
بعض الجهال على أنها حقائق مسلمة وعقيدة مقدسة لابد من إبرازها وإظهارها
وسيطرتها على بقية العقائد والملل .
فالفكر الداعشي والأساليب الإرهابية التي تستخدم اليوم من قبل عصابات
داعش واعوانها ضد الأبرياء من جميع الملل والنحل ماهي الا سنن تاريخية
ملئت بها كتب التواريخ اعتبروها عقيدة مدروسة لابد من أحيائها، فالسلب
والنهب والسبي وارتكاب الموبقات وهتك الأعراض هي أفعال ذكرها أرباب
التاريخ أمراء وخلفاء اعتبروهم هم رموز الإسلام ولا بد من الاقتداء
بسيرهم .
ولعل ما ذكره ابن الاثير في تاريخه " الكامل" في وصف خلفاء بني العباس
على انهم الحاكمون بالعدل هو مثال بسيط لنوع العدالةالتي كان يعتقد بها
ابن الاثير ونهجه التيمي المعروف ، فهو يصف اخر خلفاء بني العباس
المستعصم بقوله " وَقَدْ كَانَ (الخليفة الْمُسْتَعْصِمُ) سُنِّيًّا
عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ وَاعْتِقَادِ الْجَمَاعَةِ كَمَا كَانَ
أَبُوهُ وَجَدُّهُ، فَكَانَ آخَرَ الْخُلَفَاءِ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ
الْحَاكِمِينَ بِالْعَدْلِ بَيْنَ النَّاسِ .."
ولو تفحصنا نوع العدالة التي يعتقد بها ابن الاثير واقرانه التيميين
لوجدناها انها عدالة السرقات والخيانة والسبي والقتل والنهب والذلة
والخنوع والخضوع وجميع الصفات السيئة التي ينهى عنها الاسلام ومبادئه
السامية ، حيث يقول ابن الاثير نفسه في مكان اخر عن دولة بني العباس "
وَلَمْ تَكُنْ أَيْدِي بَنِي الْعَبَّاسِ حَاكِمَةً عَلَى جَمِيعِ
الْبِلَادِ كَمَا كَانَتْ بَنُو أُمِّيَّةَ قاهرة لجميع البلاد والأقطار
والأمصار ...وذلك لضعف خلافتهم واشتغالهم بالشهوات وجمع الأموال في أكثر
الأوقات، كما ذكر ذلك مبسوطًا في الحوادث والوفيات ".
هنا يعلق المحقق العراقي الصرخي الحسني على ذلك التناقض وذلك السفه
الفكري بقوله : " لاحظوا: ليس عنده إلّا القهر، وهذا هو اساس داعش، هنا
أساس التكفير والاجرام، وهنا التنظير للتكفير والإرهاب وسفك الدماء، فقط
عندهم القهر والقوّة والسيف والذبح والإرهاب وسفك ومصّ الدماء، هذا هو
الأصل والأساس، وكلّ العلاجات باطلة إذا لم يعالج الإرهاب من الأساس
فكرًا وتنظيرًا، وهذا ما ندعو إليه ومنذ عشرات السنين، فابن تيميّة
والمنهج التيميّ هو الأصل في سفك الدماء والتقتيل والإرهاب " .
جاء ذلك خلال محاضرته الثامنة والثلاثين ضمن سلسلة بحوث في العقائد
والتاريخ الاسلامي بعنوان ( وقفات مع .. توحيد التيمية الجسمي الأسطوري)
والتي يلقيها أسبوعيا عبر قناة مركزه الإعلامي على اليوتيوب ، وهي
محاضرات علمية عقائدية يكشف فيها سماحته وهن وضعف وسفاهة الفكر التيمي
الداعشي الذي سيطر على عقول الاغبياء والسذج وتسبب في ازهاق الارواح
والانفس من خلال تحليل موضوعي للتاريخ الاسلامي .
https://www.youtube.com/watch?v=eHeQL2Cp3Cg
منير حسن الوردي