قفزت مخزونات وزارة الدفاع الأمريكية مؤخرا، بعدما أعلنت السعودية عن شراء أسلحة أمريكية بقيمة عشرة مليارات دولار، حيث ذكرت وكالة رويترز أن شركات “جنرال ديناميكش، ورايثيون، وروتون، ولوكهيد مارتن” حققوا ارتفاعا قياسيا ما بين 0.4 و1.6٪، كما حققت “بوينغ” (BA.N) ارتفاعا بنسبة 1.3%.
الأرقام المحرزة تعتبر فوزا للرئيس دونالد ترامب، الذي قال بعد الإعلان عن الصفقة الكبيرة بشكل رسمي، إن مئات المليارات من الدولارات والاستثمارات دخلت إلى الولايات المتحدة، وبالتالي سيكون هناك فرص عمل ووظائف، وشكر الشعب السعودي.
بطبيعة الحال، الشعب السعودي ليس له أي علاقة بالصفقة، التي تمت من قبل العائلة الحاكمة، بل لها علاقة وثيقة بالبنتاجون، ووكالة الاستخبارات الأمريكية وشركات الدفاع الأمريكية منذ عام 1943، حين أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق، فرانكلين روزفلت، أن الدفاع عن السعودية أمر ضروري.
وخلال السنوات السبعين الماضية، أبرم النظام السعودي العديد من صفقات الأسلحة مع الولايات المتحدة، بما فيها اتفاق بقيمة 60.5 مليار دولار مع إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، في عام 2010.
والاتفاق الجديد يمثل منعطفا آخر لسياسة ترامب؛ فبعدما انتقد السعودية أثناء حملته الانتخابية، رفض إكمال الانتقادات بعدما أصبح رئيسا، ووافق على تزويد السعودية بالدبابات والطائرات والمروحيات والسفن وغيرها من منظومة الأسلحة الأمريكية.
الجانب الملحوظ من الصفقة يكمن في نطاقها، حيث تغطي خمس فئات واسعة؛ هي تحديث القوة الجوية السعودية والبرية وقوات مكافحة الإرهاب والأمن البحري والساحلي والاتصالات والأمن السيبراني.
الصفقة تعني أن الولايات المتحدة تكثف دعمها لحرب السعودية على اليمن، التي تعد أفقر بلد في الشرق الأوسط، حيث لقي عشرات الآلاف من المدنيين مصرعهم، وأسقطت عليهم القنابل التي قدمتها الولايات المتحدة.
وفي السياق، قالت الباحثة في هيومن رايتس ووتش، كريستين بيكرل، إن المنظمة وثقت ثمانين هجوما سعوديا على اليمن خلال العامين الماضيين، وكثير منها يدخل ضمن جرائم الحرب المحتملة، وخلالها تم استخدام أسلحة أمريكية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، والمعروف بقربه من الحكومة السعودية نظرا لعمله كمدير تنفيذي لشركة إكسون موبيل، إن الأسلحة تهدف إلى مساعدة الرياض على مواجهة النفوذ الإيراني.
يرى السعوديون أن ما يحدث في اليمن تهديدا إيرانيا، وأن طهران تدعم الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في 2015.
الصراع في اليمن معقد ومتأصل جزئيا، لكن الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة السعودية سيقود إلى تكثيف الصراع ويزيد الأوضاع سوءا على الأرض، حيث دمر التحالف السعودي الجسور الرئيسية في اليمن والمطارات والموانئ.
تتحمل إدارة أوباما جزءا مما يحدث في اليمن؛ حيث سمحت لحليفتها السعودية ضرب أهداف مدنية بقنابل أمريكية الصنع، لكن في النهاية، وضعت الإدارة بعض القيود، والآن ترفض إدارة ترامب هذه السياسة، ووافقت على تزويد السعوديين بالأسلحة.
وقال مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، وليام هارتونغ، إن رفع القيود على بيع الأسلحة للسعودية صفقة كبيرة، لكنها ستعزز الحملة السعودية على اليمن.
السعودية الداعم الرئيسي للوهابية أثبتت أن ما تريده ليس بالضرورة أن يتوافق مع المصالح الأمريكية أو الغربية، ففي اليمن لا يرى السعوديون الأصوليون مشكلة في قذف القنابل الأمريكية الصنع، لكن الصفقة والحرب سيكون نتيجتها ظهور المزيد من الجماعات الإرهابية التي تضرب الغرب.
ترامب وزملاؤه مشغولون جدا بالمبالغة في الفوائد الاقتصادية المترتبة على اتفاق الأسلحة الجديد، لكنهم لم يفكروا في أثاره واسعة النطاق، فهناك تحذير من أن ما هو جيد للمجمع العسكري الصناعي ليس بالضروري جيدا لأمريكا أو العالم.
بقلم : ريهام التهامي