يعرف الجميع مسبقا أن «محمد بن سلمان» هو شاب في عجلة من أمره., وقد اتخذ كل خطوة ضرورية لتحسين موقعه على مدار أكثر من عامين منذ أن تولى والده عرش المملكة. وقد اعتبره البعض حاكم الأمر الواقع في البلاد. ولكن في عمر الـ31، فإن ارتقاءه العام ربما جاء أسرع قليلا مما كان متوقعا. في هذا الأسبوع وضع الملك «سلمان» نجله كولي للعهد ليحل محل ابن عمه الأكثر خبرة «محمد بن نايف». وأدى ارتفاع الوريث الجديد إلى محو صورة السعودية كمملكة شائخة حكيمة ينتقل فيها الحكم من الأخ إلى أخيه، على الرغم من أن ولي العهد السابق، البالغ من العمر 57 عاما، كان شابا نسبيا.
طال انتظار التغيير في البلاد. وقد أشاد البعض بولي العهد الجديد كمصلح نشط. ولكن من الواضح أنه لا يمتلك أي خطط للتعامل مع بلاده باعتبارها ملكية مطلقة متعصبة ضد أي شكل من أشكال المعارضة فضلا عن تحدي الشراكة التأسيسية بين بيت آل سعود ورجال الدين الوهابيين المحافظين. وكانت القيادات الدينية السعودية، وفقا للتقارير، صاخبة في الأيام الأخيرة حول «حماية الاستبداد من الديمقراطية».
وأدت المبادرات الاقتصادية التي قادها الأمير الشاب إلى نتائج سيئة. ولم تكن رؤية 2030 لإصلاح الاقتصاد السعودي وإنهاء اعتماده على النفط أكثر من حزمة من الأفكار والأمنيات القائمة على الخصخصة والتقشف. كانت خطة المملكة لخفض الإنفاق العام دعوة للاضطرابات الاجتماعية في المملكة التي طالما اعتمدت على الإعانات الوفيرة والتوظيف الحكومي. وقوضت إصلاحات «بن سلمان» صفقة آل سعود مع مواطنيهم: السيطرة السياسية الصارمة مقابل العيش المضمون، وقدمت السيرك كبديل عن الخبز، ومن غير المرجح أن يكون فتح دور السينما والسماح بالحفلات للذكور تعويضا مناسبا.
أما الاقتراحات المتعلقة بزيادة متواضعة جدا في بعض الحريات الشخصية، بما في ذلك النساء، فإنها ربما تكون أكثر جاذبية ولكن من غير المرجح أن تكون كافية أيضا. وفي أبريل/نيسان، عكست الحكومة مسارها فجأة عن طريق استعادة العلاوات والبدلات التي خفضتها. وفي هذا الأسبوع تم إعادة المبالغ التي تم تخفيضها بأثر رجعي وتمديد العطلة الرسمية لعيد الفطر لمدة أسبوع.
وتجدد التراجع في أسعار النفط. وأشار محللون أيضا إلى الانخفاض الحاد في الاحتياطيات الأجنبية للبلاد بمقدار 36 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام. وقد أدى العدوان على اليمن إلى مقتل الآلاف من المدنيين، وخلق مجاعة واستنزف مليارات الدولارات شهريا من خزائن الرياض دون أن يبدي أي إشارة إلى نهاية.
وقد قاد ولي العهد الجديد (وزير الدفاع آنذاك) الاندفاع إلى الحرب، الذي أثاره التنافس الشديد مع إيران، والذي تجلي بدوره مرة أخرى في تصريحاته العلنية حول إيران، مما يشير إلى مزيد من التصعيد على الأرجح. وهناك الحصار المفاجئ الذي فرضه هذا الشهر على قطر، والذي يمثل أكبر أزمة دبلوماسية ضربت الخليج (الفارسي) منذ سنوات. وربما تكون المناورات من أجل السلطة وعلاقاته مع ولي عهد أبوظبي مفتاحا لفهم هذه التحركات، ولكنها تدل أيضا على نفاذ الصبر وقلة الخبرة.
والآن أثبت والده أنه غير صبور أيضا. ومع بلوغه 81 عاما فإنه أدرك أنه ليس بإمكانه الانتظار طويلا قبل تأمين خلافة ابنه. وتأكد الملك أيضا من مكافأة أبنائه الأصغر سنا حيث منح أحدهم منصب السفير السعودي في واشنطن. في الماضي كانت الولايات المتحدة لتجبر الرياض على التراجع مع كون ولي العهد المخلوع صديقا لأمريكا قاد جهودا فعالة في مكافحة الإرهاب لسنوات.
لكن البيت الأبيض احتضن بديله الأصغر مغازلة للرياض، سواء لكونه يتبني تلك السياسة أو اعترافا بحكم الأمر الواقع. وفي حين أن الشعب السعودي عليه أن يقبل ما يلقى إليه، فإن الكثيرين في المملكة وخارجها لديهم ما يدعوهم إلى القلق.
المصدر: الغارديان / ترجمة وتحرير الخليج (الفارسي) الجديد