مقالتي تنصب هنا على دور الأجهزة الامنية والعسكرية وعلاقتها مع الشعب إذ يجب علينا أن نُحدد ماهية هذا الدور ليتسنى لنا تشخيصه وتحديده بحكم ارتباطه المباشر بالشعب الذي يعتبر القطاع الرئيسي الذي يهم رجل الأمن كونه منبثق منه عن طريق عوامل الترابط المجتمعي.
لذلك من الثابت القول أن طريقة تعاطي الأجهزة الإمنية والعسكرية مع الشعب قد سلكت سلوكاً معيناً يختلف أحياناً عن العادات والتقاليد الراسخة التي نشأ عليها المجتمع ، أن شخصية الفرد تتأثر بالسلب أو بالإيجاب بفعل عدة عوامل مثل البيئة والثقافة والوراثة والحالة الصحية والنفسية والجنس والغريزة والأُسرة التي نشأ فيها والجماعة التي يعيش معها ، ولهذا ترى الأفراد يختلفون بعضهم عن بعض سواءاً في الميول أو الدوافع أو السلوك أو في طريقة تفكيرهم في الحكم على الأمور أو حتى في مسألة أبداء الرأي ، وبجانب ما أشرنا أليه فأن هذه العوامل تخضع لمؤثرات وأعتبارات أخرى تجُبر الفرد على أن يتبنى سلوكاً ومنهجاً يختلف في أمور معينة أو قد يختلف كل الأختلاف عن سلوكه الشخصي في حياته الخاصة .
ولهذا عندما يكون الفرد جزءاً من تلك المنظومة وبناءاً على المعطيات والعوامل التي ذكرناها فأننا نراهُ قد أنحاز عن الضوابط المهنية بل وأصبح أداة منفِذة وخاضعة للإرادات السياسية والحزبية التي تُمارس السياسات القمعية والإبتزازية بسبب تأثر طبيعة عمل تلك الأجهزة وعلاقاتها وممارساتها بنوعية النظام السياسي والحزبي القائم الذي يسعى وبكل ثقلهُ لجعلها أدوات مسخرة لحمايته وتأمين مصالح أفراده والمحافظة على أمتيازاته . كذلك أن الأنظمة السياسية والحزبية تحاول أن تجعل من الأجهزة الأمنية والعسكرية وسيلة للوصول الى غاياتها من خلال منح الإمتيازات لبعض العناصر المهمة العاملة فيها وإيهامهم بأنهم يمثلون سلطةً فوق الشعب ودفعهم الى التعالي وممارسة التسلط عليه والتوجه نحو خلق عداء تقليدي بين تلك الأجهزة وبين الشعب عن طريق زج أفرادها بالعمل على القيام بالإعتداء على أبناء الشعب الذي يطالبون بحقوقهم المسلوبة مبتعدتاً كل البُعد عن المهمة الأساسية التي وجُدت من أجلها .