تسالمت الأوساط العلمية ، و الثقافية ، و الاجتماعية ، و الدينية على أن لكل عمل مقدمة تسبق الحدث قبل وقوعه ، فكما هو متعارف عليه في مدارس العلوم الدينية أن الوضوء مقدمة لابد منها لإقامة الصلاة فمن هذا المنطلق نجد أن بناء الوطن أو المجتمع لا يتم إلا بوجود عدة مقدمات لعلها واجبة الوجود لو صح التعبير ، و تأتي في مقدمتها صناعة الأمل و ضرورة الإيمان به كي يشعر الإنسان بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه ، و حلاوة الغاية التي يسعى لتحقيقها على أرض الواقع ، فصناعة الأمل تُعد من المقدمات الضرورية في إقامة مجتمع مثالي ، أو الوطن القائم على أسس المواطنة الصادقة لا المزيفة كالتي جاء بها الفكر التكفيري الظلامي ، و لعل التجربة المريرة التي عاشتها اغلب شعوب المعمورة في الآونة الأخيرة شاهد حي على عبثية هذا الفكر الضال ، فحينما نريد أن نبني الوطن يتحتم علينا صناعة الأمل قبل أن نضع حجر الأساس و نشرع في إقامة الركائز التي يتطلبها ذلك الصرح العظيم وهذا ما يستلزم رفض كل ما من شأنه أن يعرقل مسيرة البناء ، و يؤخر عجلة التقدم و الازدهار أمثال الانتهازية بكافة أشكالها التي تدفع باتجاه إنشاء مجتمعات موبوءة، كتلك التي أسس لها وصنعها أئمة و قادة الأفكار التي أساءت لديننا الحنيف و مقدساته العظيمة أيما إساءة فجعلت منه دين جرائم بشعة و انتهاكات أضرت كثيراً بالإسلام و أطاحت بعرى الإنسانية أمام أنظار الرأي العام بما نشره و بث إشاعته و أساطيره وأطروحاته الوثنية وتسافلها إلى درجة انتهاز الفرص الخبيثة ، بغية بث الفرقة ، والشقاق ، و النفاق بين أبناء الوطن الواحد، وتحت مسمى العقائد المنحرفة ، أو باسم الدين المارق والخلافة المزعومة ،و الكثير من الإدعاءات القذرة و التي لا تمتّ لتعاليم الإسلام الحنيف بصلة، المبنية على الصراع الطائفي الذي لا يريد له المتعطشين لسفك الدماء و انتهاك الأرواح ، و الأعراض ، و آلة الخراب ، و الدمار أن ينتهي ، بجرائمهم التي أنتجت الخطاب الطائفي والأيديولوجي المحرّض الساعي إلى زرع بذور ما يشتت شمل المسلمين و يجعل مقومات إنسانيتهم تقف على شفير الهاوية عندها سنرى العالم الإسلامي مشتت الأفكار ، مقطع الأوصال ، و أنى لهم ذلك فقد خابوا و خاب كل مَنْ يقف وراءهم في ظل الانتفاضة العلمية و الفكرية الكبرى التي قادتها المذاهب الإسلامية فقطعت دابر قادة الانحلال و الانحراف الإرهابي والتي تعبر عن وقفتها المشرفة بوجه الفكر المتطرف ، و توحدها التاريخي في سبيل رفعة الإسلام و حفظ قيمه و مبادئه النبيلة .
بقلم // الكاتب العراقي حسن حمزة العبيدي