تغيرات جديدة ومتسارعة تطرأ على النظام السعودي وعلى ترتيب الأسرة الحاكمة، فبعد مرور شهر تقريبًا على انطلاق حملة اعتقالات وتصفيات غير مسبوقة طالت العديد من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال، وفي ظل الأجواء المشتعلة داخل البيت الحاكم، لايزال ولي العهد محمد بن سلمان، يسعى إلى اتخاذ المزيد من الخطوات على طريق خلافة والده الملك سلمان بن عبد العزيز، في تولي عرش المملكة.
“بن سلمان” بديلًا للجبير
أفادت وكالة الأنباء السعودية “واس”، أن أمرًا ملكيا صدر، السبت، بتعيين الأمير خالد بن سلمان آل سعود، الأخ الشقيق الأصغر لولي العهد، محمد بن سلمان، بدلا من وزير الخارجية عادل خالد أحمد الجبير، وفقًا للأمر الملكي الذي يحمل الرقم 163/أ، مع تبليغ الجهات المختصة لاعتماد الأمر وتنفيذه.
وكان الجبير، قد عيّن وزيرًا للخارجية في 29 إبريل عام 2015، خلفًا للأمير سعود الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، بموجب أمر ملكي أصدره الملك سلمان.
خطوة نحو السلطة
تعيين الأمير خالد بن سلمان، المفاجئ أرجعه بعض المراقبين إلى محاولات ترتيب ما تبقى داخل البيت الحاكم وتهيئة مؤسسات الدولة لتولية ولي العهد محمد بن سلمان، عرش البلاد، بعد الخطوات الكبيرة التي اتُخذت على هذا الطريق، فقد تمت إزاحة ولي العهد السابق محمد بن نايف، واعتقال العديد من الأمراء والوزراء المعارضين لتولي بن سلمان شؤون البلاد، والتقارب مع القوى الكبرى، وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل، للحصول على الضوء الأخضر، والمباركة بإحكام “محمد” قبضته على الحكم، وأخيرا إقالة وزير الخارجية الجبير، ثاني وزير خارجية في تاريخ السعودية من خارج العائلة الحاكمة، لتعود الوزارة السيادية الهامة فتدخل تحت السيطرة المباشرة للأسرة الحاكمة.
في المقابل، رأى العديد من السياسيين أ تعيين خالد بن سلمان، وزيرًا للخارجية، ليس مفاجأة، فالأخير، وعلى الرغم من عدم خبرته في الشؤون الخارجية، فإنه يعتبر أحد أذرع ولي العهد للسيطرة وإحكام قبضته على الحكم، وتم تعيينه قبل أشهر سفيرًا للمملكة في أمريكا كمحاولة لتلميع صورة شقيقه الأكبر أمام القيادات الأمريكية، للحصول على الضوء الأخضر والدعم الأمريكي بتولي “محمد” عرش البلاد.
وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن أن محمد بن سلمان، يعدّ شقيقه لتعيينه في منصب وزير الخارجية، لتتم له السيطرة على الوزارة، ومن ثم تم تعيينه سفيرا لدى واشنطن، ليحصل على الدعم الأمريكي والخبرة اللازمة للعمل في المجال السياسي، مثلما سبق أن تم تعيين “الجبير” سفيرا للسعودية بالولايات المتحدة، من يناير 2007 إلى أكتوبر عام 2015، قبل أن يعين وزيرًا للخارجية.
خالد وليًا للعهد
من ناحية أخرى، وفي تقرير أصدرته في أكتوبر الماضي، ذكرت مجلة “ذا أتلانتيك” نقلا عن رئيس المجموعة العلمية لشركة “Eurasia Group” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قوله: “وصلتنا معلومات مسربة عن وصية للملك السعودي رسم فيها نظام الحكم من بعده، ينص أحد بنودها على تعيين خالد بن سلمان، في منصب ولاية العهد بعد انتقال الحكم إلى محمد بن سلمان، وذلك لإحكام السلطة في بيته ومنع الخلاف بين أفراد الأسرة الحاكمة في خطة نقل السلطة”.
وقال رئيس المجموعة العلمية: إن التقارير التي تتحدث عن مخططات الملك السعودي والتغييرات التي أحدثها في نظام المناصب الحكومية، كانت أول علامة على الحد من سلطات منافسي أبنائه على السلطة؛ فيما جاء إرسال خالد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة سفيرًا للمملكة من أجل كسب الخبرة الكافية وتوسيع علاقاته مع السلطات الأمريكية والحصول على حمايتها الواسعة، وأكد رئيس المجموعة أنه “وفقًا لهذه المعلومات جاءت فكرة تقسيم وزارة الداخلية وفصل الأجهزة الأمنية منها، ووضعها تحت رئاسة أمن الدولة في سياق الحد من سلطات أسرة نايف بن عبد العزيز، ليصبح الملك هو القائد العام للقوات كافة.
من هو خالد بن سلمان؟
هو نجل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو الشقيق الأصغر لولي العهد محمد بن سلمان، ولد عام 1988 بمدينة الرياض، وتخرج من الثانوية العامة عام ٢٠٠٦، وحصل على شهادة البكالوريوس في علوم الطيران من كلية الملك فيصل الجوية بالرياض، وبعد تخرجه تم إرساله إلى الولايات المتحدة لدراسة الطيران في قاعدة كولومبوس بولاية مسيسيبي الأمريكية، وواصل تعليمه في أمريكا لينال شهادة “كبار التنفيذيين في الأمن الوطني والدولي” من جامعة هارفارد، كما درس الحرب الإلكترونية المتقدمة في العاصمة الفرنسية باريس، وبدأ دراسته العليا في جامعة جورج تاون، للحصول على درجة الماجستير في تخصص الدراسات الأمنية.
شغل الأمير خالد، العديد من المناصب القيادية العليا في المملكة، حيث عُيّن في البداية كضابط استخبارات تكتيكيًا، إلى جانب مهنته كطيار لطائرة “إف-15إس” في السرب الثاني والتسعين، التابع للجناح الثالث في قاعدة الملك عبد العزيز في الظهران، وعُيّن في مكتب وزير الدفاع، وأصبح بعد ذلك مستشارًا مدنيًا رفيع المستوى في وزارة الدفاع السعودية، ليشغل بعد ذلك منصب مستشار في السفارة السعودية بالولايات المتحدة في أواخر عام 2016، ليتولى في 24 إبريل الماضي منصب سفير المملكة فى أمريكا خلفًا للأمير عبد الله بن فيصل بن تركي، ليكون السفير السعودي العاشر لدى الولايات المتحدة منذ العام 1945.
تدرب الأمير خالد كطيار مقاتل بإجمالي يقارب ألف ساعة طيران، وقام بمهام جوية ضد تنظيم “داعش” كجزء من التحالف الدولي، كما قام بمهمة أخرى في أجواء اليمن كجزء من عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل، اللتين أطلقتهما السعودية في اليمن منذ عام 2015.