شنت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية, هجوما حادا على ولي عهد السعودية محمد بن سلمان, واصفة إياه بـ”ولي عهد النفاق”,- حسب قولها- في خطوة اعتبرت انها حاملة لكثير من الأبعاد والدلالات، حيث اعتبرت أنه ينظر إلى نفسه عكس ما يرى شعبه.
وشككت الصحيفة الأمريكية في الحملة التي يقودها “مبس″ في محاربة الفساد بعد اعتقال عشرات الأمراء ورجال الأعمال البارزين و الوزراء السابقين، فيما يقوم بانفاق أموال طائلة على شراء يخت و قصر و لوحة “المسيح المخلص”. كما انتقدت الصحيفة أوضاع حقوق الإنسان في المملكة.
وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها التي جاءت بعنوان “ولي عهد النفاق” : “يريد ولي عهد المملكة العربية السعوديةالأمير محمد بن سلمان إحداث تغيير شامل في المملكة المعروفة بتحفظها وضيق أفقها. ولقد أعلن أن النساء سيسمح لهن بقيادة السيارات، وشن حملة ضد الفساد، وسمح لدور السينما بأن تفتح أبوابها ابتداء من العام القادم، وفرض تقشفاً في الميزانية، وكشف عن طموحات واسعة لتنويع موارد الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. كل هذا يبدو تجاوباً مع متطلبات جيل من الشباب المتذمر، غير أن ولي العهد حجب رؤيته بما لديه من ولع بالعظمة والأبهة”.
و تضيف: “يقال إنه اشترى قصراً فارهاً بمبلغ يزيد على 300 مليون دولار في فرنسا، بالقرب من قصر فرساي، واشترى يختاً طوله 440 قدماً من تاجر روسي في 2015 بما يقارب 550 مليون دولار. هذه أسعار صادمة بلا شك، إلا أن الحكومة السعودية تقول إن ولي العهد لم يدفع مبلغاً قدره 450.3 مليون دولار ثمناً لأغلى لوحة فنية في التاريخ، وهي رسمة للفنان ليوناردو دافنشي بيعت مؤخراً في مزاد علني”.
و تشدد الصحيفة: “من المؤكد أن الحملة ضد الفساد، والتي نجم عنها إلقاء القبض على 159 من أغنى رجال الأعمال والأمراء ومسؤولي الدولة في المملكة، واعتقالهم في فندق “كارلتون ريتز″ ذي الخمسة نجوم الشهر الماضي، تشتمل على أكثر من مجرد مبرر لانتزاع مزيد من الصلاحيات. فمشكلة الفساد حقيقية، وكذلك نفاد صبر الجيل الجديد أمر حقيقي. لكن لا تنتظر أن يقدم هؤلاء المعتقلون للمحاكمة في أجنحتهم الفندقية الفارهة. ما يفعله ولي العهد بدلاً من ذلك هو محاولة إجبار الأثرياء على التنازل عن عشرات المليارات من الدولارات من ممتلكاتهم لتجنب المحاكمة ومن ثم استعادة حرياتهم. وهذا أسلوب فظ لنظام استبدادي لا يصلح بحال لدولة يحكمها القانون”.
وتتساءل الصحيفة : “لماذا قرر ولي العهد – الذي ينتقد أقرانه وزملاءه المتورطين في إثراء أنفسهم – إنفاق ما يزيد على نصف مليار دولار ثمناً ليخت ضخم وفيلا في فرنسا مقامة على أرض حديقة مصممة بعناية تقدر مساحتها بسبعة وخمسين فداناً؟ ، و تبين “انتهى العمل في إنشاء القصر في عام 2009 بتصميم يعود إلى القرن السابع عشر ولكنه مزود بأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا – كما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز″: “نوافير، ومنظومة صوتية، وإضاءة، ونظام تكييف صامت، يمكن التحكم بها جميعاً بواسطة هاتف الآيفون”. و تعلق الصحيفة بتهكم :”جميل. ولكن الرمزية فظيعة، حيث تدل على أن لدى ولي العهد رؤيتين، واحدة لشعبه وأخرى لنفسه”.
و تمضي الصحيفة : “لو كان فعلاً مهتماً بإثبات أن قيادته مستنيرة وعصرية فإن عليه أن يفتح أبوب السجون التي يقبع فيها أناس مبدعون، وخاصة الكتاب الذين ينتقدون النظام والمتشددين من رجال الدين، سجنهم هو وأسلافه ظلماً وعدواناً.
وتشير هنا : “كان مؤخراً قد شن حملة قمع جماعية شملت رجال دين ونشطاء وصحفيين وكتابا من أصحاب التأثير على الرأي العام، بتهم غامضة تدور حول الزعم بأنهم يشكلون خطراً على الأمن القومي. وكان الأولى به ترك هذه الأصوات حرة بل وتشجيعها على المزيد حتى تساهم في بناء المجتمع الذي يدعي أنه ينشده”.
وتختتم “واشنطن بوست” افتتاحيتها موجهة كلامها لابن سلمان: “يتوجب عليه بشكل خاص ترتيب الإفراج المباشر عن المدون رائف بدوي الذي يقضي عقوبة في السجن داخل المملكة لعشرة أعوام لمجرد أنه مارس حقه في التعبير.