للصبر حدود بهذه الكلمات الغنية في مضمونها و البعيدة الأثر في ألفاظها و التي تتناقلها الألسن على هيئة مثل عربي عند أبناء مصر العروبة، فصبر الإنسان مهما بلغ من التحمل لابد و أن يصل عند مستوى معين أمام عنجهية القيادات السياسية التي لا ترعى لله تعالى حرمة و لا ذمة في عباده الذين تسلطت على رقابهم بالغش و الزور ، وقتها تكون تلك الجهة تلعب بعداد عمرها وكما يقول المثل المصري أيضاً ، حينها يصبح الإنسان كالبركان الذي يغلي وقتها عندئذ، أو كالقنبلة الموقوتة التي لا يُعلم متى تصب جام غضبها ؟ و ترمي بقذائف حممها على كل مَنْ سلب حقوقها، و تعدى على حرماتها، و تلطخت يداه بدمائها، و جعلها تدور في دائرة مفرغة لا طائل منها، وهذا ما تجلت آثاره عند الشعب العراقي بكل أطيافه، و لأكثر من مرة، فبسبب الفساد الذي ضرب جميع مفاصل الدولة فبات يشكل الآفة التي تهدد أركان الدولة، و تنذر بحتمية انهيار كامل في جميع مجالات الحياة، علاوة على ذلك وجود طبقة سياسية مفسدة ساهمت و بشكل كبيرة في إيصال البلاد إلى حافة الانهيار، و إعادته إلى المربع الأول في التخلف و الانحطاط و غياب مقومات الحياة البسيطة، بالإضافة إلى الصمت الغير مبرر للقيادات الدينية ذات الجنسيات المتعددة وفي مقدمتها الإيرانية ذات الحظ الأوفر في مركز قيادة البلد من خلال استغلال العاطفة و الطاعة العمياء التي يبديها العراقيون لها رغم عدم تدخلها لحلحلة المشاكل و الأزمات التي تعصف بالبلاد، وهذا ما دفع بالعراقيين إلى الخروج بتظاهرات سلمية وفي مختلف أنحاء البلاد تطالب بالحقوق و الامتيازات و انتشال البلد من المآسي و الأزمات التي تضربه حتى أودت به إلى هذا الواقع الالئيم، كانت آخرها التظاهرات التي خرجت في مدينة السليمانية وهي ترفع شعارات وطنية و تندد بالفساد و الفاسدين و تطالبهم بضرورة توفير الخدمات و فرص العيش الكريم، و القضاء على البطالة المتزايدة يوماً بعد يوم، و إعادة النازحين إلى مدنهم بكل عزة و كرامة، و إعمار كل ما دمرته الآلة العسكرية في حربها ضد داعش الإرهابي، وفي مقابل ذلك كان الكل يتوقع ومن باب المسؤولية الشرعية و القانونية أن حكومات العراق ستستجيب لمطالب المتظاهرين وكما هو متسالم عليه في بقية بلدان العالم إلا أن تلك الحكومات الفاسدة مارست و كعادتها مختلف أساليب القمع التعسفي، و البطش همجي مع المتظاهرين في خرق واضح لكل القوانين و الأعراف السماوية و الدولية التي نصت على حماية المتظاهرين، و تلبية مطالبهم المشروعة، و عدم المساس بكرامتهم، و كذلك حرمة قمعهم، و التنكيل بهم، و ضمان حرية التعبير لهم وقد رفضت تماماً حملة الاعتقالات التي يتعرض لها المتظاهرون على يد المليشيات الإجرامية التابعة للقيادات السياسية الفاسدة فكانت بحق تظاهرات السليمانية ومن قبلها تظاهرات الوسط و الجنوب صرخة المظلومين بوجه الفساد و ساسته الفاسدين .
https://www.youtube.com/watch?v=l4MpqmZuYzI&has_verified=1
بقلم // الكاتب و المحلل السياسي و الناشط المدني سعيد العراقي