أيام وسنين والعراق ينتقل من محنة إلى محنة ومن مأزق إلى آخر, هدر للمال العام وأزمة اقتصادية وأمنية وسياسية وسبب ذلك وبإعتراف القيادات التي نصبت نفسها ولياً على العراقيين هو بسبب تلك الزعامات نفسها !! فهناك من قال نحن السبب في كل ما يحدث بالعراق, وهناك من يلقي اللوم على شركائه والنتيجة هم جميعاً يتحملون المسؤولية ومن قبلهم - طبعاً- مرجعية السيستاني التي أوجبت انتخابهم ولولاها لما وصل هؤلاء الشرذمة الفاسدة لدفة الحكم حيث تدخلت تلك المرجعية الإيرانية بقوة من أجل تنصيب هؤلاء الفاسدين على رقاب العراقيين. لكن الغريب العجيب الملفت للنظر صمت وسبات الشعب والعراق على مفترق الطرق !! سؤال أطرحه أمام رجال الدين, ونحن نعيش عصر الجريمة الإسلامية الكبرى في نهب وقتل العراق وشعبه، والدور البارز للدين الإسلامي ومذاهبه في المجازر المرتكبة يومياً بحق أطفالنا ونسائنا وأيتامنا وفقرائنا... فمن سيحاكم القتلة واللصوص الذين جاء بهم المعممّون ليستبيحوا حياتنا؟ ولمن علينا شكايتهم؟ وهل ستعمل المحاكم على إسترداد الحق العام منهم كونهم قتلة ولصوص وهل ستصدر القرارات المناسبة بحقّهم وفق قانون الجنايات العراقي؟ وهل ستصدر المحاكم قرارات تلزمهم بإعادة ما سرقوه من خزينة الدولة ؟ هل سيحدث ذلك في ضل صمت الشارع وهروب مرجعية السيستاني إلى اعتزال السياسة ؟؟!! ولا نعلم كيف تقدم على هذا قرار ولم تتحمل مسؤولية ما قدمته للعراق بتدخلها المشين في الشأن العراقي ؟؟!!. وهاهو المشهد السياسي العراقي اليوم في قمة الصراع بين ساسة الفساد الذين جاء بهم السيستاني إلى السلطة بفتوى وجوب انتخابهم يتصارعون في ما بينهم على كعكة الحكم مستغلين في ذلك المطالب الجماهيرية بالتغيير والإصلاح ومع ذلك تهرب السيستاني من مسؤوليته ووصايته على الشعب واعتزل الرأي السياسي !!! فأين هو من مسؤوليته على الشعب ؟ وأين هو من تحمله تبعات ما يحدث الآن ؟ أليس كل ما جرى ويجري بسببه وبسبب تدخلاته ؟! لماذا لا يعطي رأيه بخصوص ما يحدث الآن من صراع بين من يدعون الإصلاح وبين معارضيه ؟! هذه المليشيات التي تشكلت بفتواه تصول وتجول في أروقة المنطقة الخضراء لحماية الساسة المفسدين أين هو منها ؟ ولماذا إتخذ جانب الصمت ؟ ألم يقل بأنه سيبدي رأيه في حال تطلب الأمر ذلك ؟ فهل مازال الوضع لم يتطلب بأن ينطق بكلمة ؟. لكن سكوته هذا لا يمكن تفسيره إلا بأمر واحد وهو : أنه أيقن بأن الصراع الحاصل الآن هو بين قوى دولية استكبارية, ولا يمكن أن يعطي رأيه الآن حتى يرى الكفة لمن تميل ومن ثم يفتي لهذه الكفة, فإن كانت لإيران ومليشياتها وساستها, أفتى لصالحها, وإن كانت لأميركا وساستها, أفتى لصالحها, هذا هو السبب الحقيقي لسكوته, وقد صدق المرجع العراقي السيد الصرخي الحسني عندما قال في استفتاء ” أميركا والسعودية وإيران….صراع في العراق ” وعندما سُئل عن موقف السيستاني من تدخل الدول في الشأن العراقي, حيث أجاب ((5ـ أما اتفاق السيستاني معهم فلأن وظيفته لا تتعدى ذلك، أي لا تتعدى مطابقة وشَرْعَنة ما يريدُه الأقوى، فكيف إذا كانت الأطراف المتصارعة كلها قد اتفقت على أمر معين؟! )), وبالفعل وظيفة السيستاني لا تتعدى ذلك, أي إصدار الفتوى للأقوى, فعندما كان المحتل الأميركي هو المهيمن صدرت من السيستاني فتوى تحريم الجهاد ضد الإحتلال والتي ساندتها فتوى سحب السلاح من المقاومة الوطنية الشريفة, وعندما أصبح الإحتلال الإيراني هو المسيطر ورأيه النافذ في العراق أصدر السيستاني فتوى الجهاد التي أوجدت المليشيات وغطت على التواجد الإيراني في العراق بحجة الدفاع عن المقدسات, وهذه هي حقيقة مسؤولية السيستاني وسبب سكوته.
مها محمد البياتي