لا يستطيع المرء الانسلاخ عن ما هو فيه، ولا يستطيع ان يتجرد من اخلاقه ودينه الذي تربى عليه، بالمقابل فهو ايضاً لا يستطيع ان يلبس جلباب الصلاح وحسن الاخلاق، فذاته وتلك الصفات نقيضان لا يلتقيان، فلا يمكن لعبد السلطان ان يصبح عبداً للرحمن، كذلك هو من يطلق على نفسه بـ(سليم الحسيني)، أو كما يسميه (عزة الشاهبندر) بـ (علي سنبه) وهو البعيد كل البعد عن السلامة، كـ سلامة الدين والاخلاق وشرف الكلمة، فأحببت ان اسألك يا سليم او يا سنبه عن بعض الأسئلة، التي تواردت لي من خلال قراءتي لمقالك الاخير (نجحت الدعوة وفشل العبادي).
أين نجحت الدعوة؟ هل تعتبر عجزهم عن إقناع (ابراهيم الجعفري) وإبقاءه في الحزب، وهو أحد الأعضاء الأساسيين والمؤسسين، بعد رفض الاكراد له، وحيلولتهم دون تسنمه الولاية ثانية نجاحاً!!!، فما كان منه الا ان يتركهم ويأسس له حزباً جديداً، ليشق الحزب الى حزبين، فكان حينها قلمك ابكم.
وكرروا الفشل مرةً اخرى، عندما سمحوا لـ (نوري المالكي)، ان يكون قائد العصر! ومختار العصر! وعباس العصر! " حقيقة لا أعلم ما علاقته مع العصر، لماذا لم يختار الصبح مثلاً"!!!، حيث عمد الى تقريب نسبائه وأصهاره ليجعلهم قادةً للحزب، ويبعد أعضاءه الاساسيين والمؤسسين ذوي التاريخ الطويل، ويأتي بغيرهم من النكرات كآل صخيل ليجعلهم على رأس السلطة والحزب، وأخذ يستأجر الاقلام ويشترى الاعلام، ليجعل منه سلاحاً لإستهداف مخالفيه في القرار ومعارضيه في السياسة، وداعماً وصانعاً دكتاتوريته الجديدة، فهذا الامر من أكثر ما فشل به (حزب الدعوة) وقادته، وكان حينها قلمك أصم وأبكم.
وأخير وقع الحزب بأخطاء كارثية، عندما فسح المجال امام "القائد الضرورة" على حد وصف السيد العبادي، بالهجوم المستمر على العبادي وحكومته، وكأن العبادي من (المجلس الأعلى) أو من (التيار الصدري)، أو من الاحزاب السنية او الكردية، او غيرها من الاحزاب المناهضة لسياسة المالكي، لكنك كنت ترى الأمور بعين واحدة.
عندما قرأت مقالك الأخير، وجدتك تتحدث به بطريقة مستهجنة, ومتجردة من الأخلاق، التي يجب ان يتصف بها صاحب القلم، طريقة يملأها الحقد والكراهية على السيد العبادي وعلى قادة الاحزاب الأخرى، فعندما تصف (الاصلاح والمستقلين وعطاء والبولاني) بالتيارات الواهية والضعيفة، فأحببت ان اذكرك بأن هؤلاء هم من منحوه الولاية الثانية، فجميعهم وقفوا معه بكل قوة وإصرار، أما (المجلس الأعلى) ، فارجع للماضي قليلاً وتذكر الضعفاء، كيف وقفوا بوجه مختار العصر وحرموه من الولاية الثالثة، اما عن (مشعان الجبوري) فسأل سيدك عن الطريقة والكيفية والسرعة التي برئه بها القضاء من التهم والجرائم الموجهة اليه، وسأله عن اسم الليلة الظلماء التي وقف بها في قاعة المحكمة وهو يحتسي فنجان القهوة حسب تعبير الأخير، ولا تنسى ان تسأله عن اسم القاضي الذي حكم له بالبراءة من ما نسب اليه.
اما الحقيقة الثابتة لفساد من ذكرتهم ووصفك باستهجان الشارع لهم، فهي حقيقة واهية صنعها (علي سنبه، أو سليم الحسيني) وامثاله من المأجورين، فالشهرستاني كان الوزير الاعظم لسيدك، عندما سلطه على وزارتي (النفط والكهرباء) واسماه بـ "وزير الطاقة" أما الشيخ (همام حمودي) فهو ما زال يفاوض المالكي برفقة العامري لأجل انضمامهم بتحالف واحد بعد خروجهم من تحالف العبادي، اما الآخرين اللذين ذكرتهم لم يكن منهم أحداً على هرم السُلطة, ولَم يستلم منهم أحداً وزارة سيادية وغيرها، أبان حكومة سيدك الثانية، ولَم يضعوا أيديهم على الميزانيات الانفجارية على مدى ثمان سنوات من الفَسَاد، ولَم يوقعوا في أربيل الأتفاقيات السرية على الأوراق البيضاء التي لا يُعرف محتواها الى اليوم.
العبادي نجح نجاحاً باهراً عندما تخلى عن الدعوة، وتحالف مع غيرهم في الساحة السياسية، وفشلوا الدّعوة فشلاً ذريعاً بعدم سيطرتهم على القيادات المخضرمة، والحفاظ على كينونة الحزب، فتلك الأيام يعتبرها اغلب المراقبون، بداية النهاية للدّعوة، فالعاجزون عن كتم خلافاتهم وتناحرهم في ما بينهم، وإظهارهم طمعهم بالسلطة جعلهم طرائقاً قددا.
غزوان البلداوي