إحدى الهيئات التي نص عليها الدستور العراقي لعام 2005 هي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، باعتبارها هيئة مستقلة إداريا وماليا عن السلطة التنفيذية ولها شخصية معنوية تمكنها من إجراء كافة التصرفات القانونية بمعزل عن السلطات الأخرى.
إن صفة الاستقلالية التي وجدت لها تكمن في أهميه تلك الهيئة وعملها الملقاة على عاتقها من تنظيم الانتخابات النيابية والمحلية، والإعلان عن القوائم الفائزة وتسجيل الكيانات السياسية ومراقبة أعمالها، أي إنها تمثل العمود الفقري للديمقراطية المبنية على التداول السلمي للسلطة في نظام الحكم النيابي .
خوفا من التدخل الحكومي انيطت لها تلك الاستقلالية، لتتحرر من كافه الضغوط وتمارس عرسها الانتخابي بشفافية كبيرة، باعتبارها الضامن الأول لحقوق الشعب وصوته بالإضافة إلى المهمة الملقاة على عاتقها في منع التزوير والبحث عن أدوات تردع تلك الظاهرة.
مع تلك المميزات التي منحت لها إلا إن المفوضية المستقلة للانتخابات العراقية توجه لها العديد من التهم بخصوص تزوير الانتخابات والتلاعب بالحقوق السياسية للأحزاب، وهذا كله يرجع إلى المحاصصه المقيتة في اختيار المفوضيين الذي يتسلط الحزب الحاكم منذ 2003 على أكبر عدد فيه.
ومع الفرضية أعلاه ندعم الجهود التي تبذل في الحفاظ على كيانها من الضغوط والمصالح الحزبية، ولكن بعد المخاض العسير الذي مرت به مرحلة اختيار المفوضين الأخيرة والمباشرة لعمله، نجد أن الشكوك بدأت تحوم حول عمل المفوضية لعدة أسباب منها.
التغييرات الإدارية المفاجئة في مكاتب المفوضية في المحافظات والدوائر العامة فيها التي تنم عن سياسة ناعمة تستخدم لضرب بعض الكيانات والأحزاب السياسية، وكذلك ما حدث إثناء القرعة الخاصة بتسلسل الكيانات من خلل واضح ينذر بأجراءت غير شفافة، بالإضافة إلى معاقبة بعض الموظفين الجيدين المحسوبين على جهات سياسية أخرى. كل تلك الإجراءات تطرح تساؤلات كثيرة وعديدة، لعل من أبرزها نزاهة الانتخابات والحفاظ على الصوت الانتخابي وسير العملية الديمقراطية برمتها بصورة سلسة دون أي خدش أو تهم تتعلق بها، الانتظار شيء صعب ولكن الزمن كفيل بالإجابة عن جميع تلك التساؤلات وبشكل واضح عند غلق الصناديق الانتخابية وما موعد الانتخابات ببعيد.
ياسر سمير اللامي