تُعد اللغة العربية من أعرق اللغات من حيث المكانة و السبق الزمني فبالإضافة إلى كونها لغة القران الكريم و لغة أهل الجنة فهي صاحبة الرونق الجميل و الإبداعات التي قل نظيرها، فمن حيث الأسلوب قمة في الإجادة و الإلقاء، من حيث الدقة في إيصال المعلومة فسباقة في هذا المضمار، ومن حيث التعددية و الحذف و الإبدال و التقديم و التأخير فحدث بلا حرج حقاً جواهر تنفرد بها لغتنا الأصيلة فعلى سبيل المثال تقطيع الحروف و إخفاء الكلمات أسلوب راقً كثيراً ما ردده القران المجيد وأيضاً ما كما قاله عالم البلاغة الجرجاني (ما من اسم حذف في الحالة التي ينبغي أن يحذف فيها، إلّا وحذفه أحسن من ذكره )، و ابن الأثير واعتباره الحذف من باب الشجاعة فقال:(هو نوع من الكلام شريف لا يتعلق به إلّا فرسان البلاغة )، الآن و بعد أن عرفنا حقيقة الحذف و التقطيع اللغوي فقد أصبحت الحقائق واضحة و لا تحتاج إلى الفلسفة الزائدة ونظراً لما يمتاز به هذا الأسلوب الرائع من حسنات و خصائص إبداعية فقد بات يشكل الركيزة الأساس عند الشعراء و المنشدين و المسبحين الذين يكتبون و يقولون وفق ما نزل من السماء لا ما يتماشى مع مراد الشيطان وحشو كلام أصحاب الإلحاد و بدعهم التي بدأت تنشط كثيراً بين الشباب المسلم فجاءت مجالس الشور لتكون مشروع الخلاص و طريق النجاة من مكائد دعاة الإلحاد و التجسيم المنحرف التي لا تريد الإصلاح للشباب وفي خضم مجريات تلك الأحداث الخطيرة على مستقبل قادة المجتمع فقد انطلقت شرارة الوعي الفكري و العلمي لدى مشروع الشباب المسلم الواعد الذي أخذ على عاتقه نشر رسالة السماء بالكلمة الطيبة و إقامة مجالس الشور وفق منظور الأخلاق الحميدة و قيم و مبادئ الإسلام المحمدي الأصيل لا الإسلام المزيف فكان هذا المشروع الرسالي موضع استهداف و تقريع لجُهال العصر، فتعرض لحملة شرسة تحاول ثنيه من مواصلة ما بدأه من إصلاح لم تتمكن هذه الهجمة البربرية من إيقاف عجلة تقدمه إنما زادته إيماناً برسالته الإصلاحية ومما يؤكد سيرها الصحيح وأنها تنبثق من جوهر الإسلام الاستفتاء الذي صدر حديثاً من المعلم الأستاذ الصرخي بمشروعية الحذف الإنشادي فقال الأستاذ الحسني : (( وبحسب ما هو ظاهر حال المجالس المنعقدة عادة، وهذا جائز ولا إشكال فيه لا شرعًا ولا لغة ولا بلاغة ولا أدبًا ولا أخلاقًا، وهو أسلوب لغويّ بلاغي متّبع ومعروف وتتميز به اللغة العربية ومن إبداعات البلاغة فيها، بل ومن إبداعات القرآن الكريم، وكما ذكرنا سابقًا بأن أسلوب البلاغة والبلاغة القرآنية قائمة على حذف الحرف الواحد والأحرف المتعددة؛ بل وحتى حذف الكلمة والجمل مع وجود ما يدلّ عليها من قرائن حالية أو مقالية )).
بقلم / احمد الخالدي