في بلد كالعراق تختلط فيه المعاني، وتشتبك النيات. فلايعود يسيرا معرفة مايريده الناس، ومايؤمنون به خاصة حين تتغير مشاعرهم، وأفكارهم وفقا لمصالحهم. ومنهم من يريد الإمساك بتفاحتين. كثر من الناس يتشبثون بإيمانهم الديني الزائف وهو التفاحة الأولى. التفاحة الثانية هي المصالح والمطامح والمطامع. ومن هنا كانت تسمية (الإيمان الديني الزائف) في الواقع إن الله يعلم إن الغالبية من عباده كذابون، ويحتالون عليه، ويظنون أنه لاينظر إليهم. فيستترون عنه بالوهم، لكنه جعل عليهم المخبر السري الذي لايكذب، ولايسجل إلا الخطايا، ولايفتري كما يفعل المخبرون عند أجهزة الأمن السرية، ودوائر الشرطة.
يقول الصديق المضحي، والمثابر والناشط في الدفاع عن عذابات الناس، وكان يقدم الكثير، ولايأخذ شيئا وهو يرى أنه يتعرض الى أذى الناس، بينما كثر من أقرانه منشغلون بمصالحهم، وإمتيازاتهم، ويعملون مع سياسيين فاسدين، وأحزاب متنفذة وهم يحصلون على مايريدون، والناس تقدرهم وتحترمهم وتجلهم، ولاتتهمهم بشيء، وتدافع عنهم حين يتعرضون الى هجوم، أو نقد لاذع. يقول:
سأغير طريقة تفكيري. نمط عيشي. سلوكي مع نفسي. نظرتي الى الحياة والناس والعمل. ساغادر حالة التشاؤم التي عشتها طوال مايقرب من عقدين. سأعيش التفاؤل لذاتي مع ذاتي، من أجل ذاتي. لن أغير ماهو طيب مارسته، بل سأركز عليه أكثر. الفرق إن التمسك بالوطنية يكون حمقا حين تمارسه مع من يتصرف معك بطريقة صاحب العمل الذي حين يجيئه الأجير نهاية يوم العمل ليقبض إجرته فيهينه، ويطرده، وفي أحسن الأحوال يطلب منه المغادرة، ويرواغ معه، ويدعوه الى المجيء في اليوم التالي.
الوطنية حماقة حين تعيش وأنت الصادق في بيت متهاو، ومع أسرة بحاجة الى رعاية، والناس من حولك يصوغون الحكايات، ويتهمونك بشتى التهم، ويظنون بك السوء، ويقولون عنك باطلا، ويدعون انك تحصل على رواتب عالية ومناصب، وإنك تعيش بطريقة مثالية ووو، ولكنهم كالعميان لاينظرون الى بيتك الذي يكاد يهوي ونمط عيشك البسيط وتواضعك وصراخك من أجلهم وحربك على الفاسدين وصراعك من أجل حقوقهم
لم ألمه أبدا، وتفهمت مايعنيه، وشعرت حينها بأنني على خطأ.
هادي جلو مرعي
رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية