عبرت مجموعة من الوزراء السابقين والشخصيات من مختلف المشارب السياسية، عن إحساسها بخطر يتهدد مستقبل موريتانيا.
وقالت في نداء أصدرته: "يتجه بلدُنا إلى وضع غير محسوب العواقب بفعل نهج قيادته الحالية. وقد أُخضع على مدى عشر سنوات لسياسةٍ ارتجالية قصيرة البصيرة والأهداف ، كبدت البلد أضرارا جسيمة بالنسبة للإدارة والاقتصاد والمجتمع، ففقدت الإدارة سمتها الرئيسية من معيارية واستمرارية، كما لم يستفد البلد من الفرص المتأتية من الطفرة في سوق المعادن (2008ـ 2014)، وهي الطفرة التي تم استثمار عائداتها في مشاريع دعائية، غير ذات أولوية وقليلة المردودية بالنسبة الاقتصاد والمجتمع، وفي تشييد امبراطورية شخصية واسعة تجارية وخدمية محسوبة للرئيس، مع الإقصاء الممنهج والصريح لرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب مما أثر سلبا على جو المنافسة ومناخ الأعمال .
وأكثر سوءا من كل ذلك ارتهان البلد للدين الخارجي ب 5 مليارات دولار أي ما يعادل 104% من الناتج الداخلي الخام بعد إلغاء المديونية وتزامنا مع فترة الوفرة تلك. وقد حمّل ذلك الشطط في الاستدانة كل فرد موريتاني أعباء دين غير مبرر للأجانب، في حين أنه يئن تحت وطأة اكتساب قوته اليومي.
كما رافق هذه السياسة سوء تدبير شامل لإدارة الشأن العام حجز للبلد مكانا دائما في مؤخرة التقارير الدولية على مؤشرات الفقر والبطالة والتعليم والصحة والأمن والإدارة ومؤشر الفساد ومناخ الأعمال وجاهزية الجيش.
ورغم أنه بلد قليل السكان، شاسع المساحة وغني بالموارد المتعددة الكافية لحشد الكثير من الإمكانيات لخدمة الشعب والرقي بظروفه الحياتية، لم نر أي انعكاس لأي من تلك المزايا على سير الحياة الاجتماعية بل ظلت اللحمة الوطنية مهددة بالانفصام وانحلال العرى بسبب عدم إخضاع التسيير والاستراتجيات الاقتصادية لخدمة الرهانات الوطنية ومعالجة القضايا الاجتماعية الحساسة التي تتطلب نهجا خاصا في تصور البرامج والسياسات وكذا الإصلاحات ، يقوم على مقاربة سد الفوارق والاختلالات التي أدت إلى رواج خطاب الهويات الصاعدة وما صاحبها من ضغط على القيم والمرجعيات . وقد تخلت الدولة في الظرف نفسه حيث تزداد الحاجة الماسة لها، تخلت عن أغلب وظائفها الناجعة في تقليص نسبة الفقر ودعم القدرة الشرائية للمواطن وإبطاء وتيرة تزايد أسعار المواد الأساسية وخلق فرص عمل للشباب، بل كانت السباقة إلى طحن المواطن بغلاء الأسعار من خلال الإفراط في التربح من المحروقات طيلة حكم محمد ولد عبد العزيز ومضاعفة الضرائب على المواد الأولى في الاستهلاك اليومي مثل الأرز والحليب والمعجنات الغذائية ومواد البناء.. وقد توج النظام هذا المسار التدميري في انعطافته الأخيرة بانتهاك حرمة كل ثمين ومقدس في البلد من المتاجرة بالدين وخرق للدستور وتكبيل للحريات والاعتداء على الحصانة والحقوق، مع الإفراط في استخدام القضاء والقوة العمومية في تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين من اعتقالات تعسفية ورقابة قضائية وابتزاز المعارضين وحتى المشتبه في معارضتهم لحد حرمانهم من وثائقهم المدنية والشواهد على ذلك حية بل ماثلة.
وقد خلقت هذه البيئة مناخا من الصدمة والخيبة واليأس، وتعكر المزاج الجمعي ومشاعر الإحباط مما أدخل البلد في نفق لا يتبين ضوء في نهايته. ومن المثير للخوف على المستقبل قلق الشعب المتزايد من فقدان نسبة عالية من ثروته الحيوانية أمام تخاذل السلطة الحاكمة في مسؤولية التدخل في كارثة الجفاف الماحقة هذه. والأصعب من كل ذلك أن هذا المسار التدميري لم يُلهم النظام ـ وهو مرتحل لا محالة- بأي عمل يُحسن به خاتمته، من أن يبعث الأمل بالثقة في المستقبل ويخلق الحد الأدنى من المناخ التوافقي لضمان التناوب السلمي على السلطة في جو آمن يحفظ البلد من مخاوف الانزلاق الذي وضعه على حافته.
لكن محمد ولد عبد العزيز الذي يعرض صفحا عن كل تلك الخيبات والقلق انبرى في سد المخارج والطرق الآمنة في وجه "الشركاء " والفرقاء على حد سواء بانتهاج سلوك عام من تهميش واحتقار النخبة الوطنية خاصة الطاقات والخبرات واستبدالها بأشخاص من الشارع ،وخلط أوراق البلد من خلال التوجه نحو تأسيس وضعية الأمر الواقع بغلق الباب أمام مشاركة المعارضة في تحضير الانتخابات وإقصاءها من تشكيل اللجنة المستقلة وبقية المؤسسات ذات الصلة، والقيام بعملية تنصيب هياكل الحزب الحاكم بالإقحام السافر لأجهزة الدولة والمسؤولين بما في ذلك أغلب جنرالات الجيش وما صاحبه من جو تنافسي موبوء لشراء الذمم، إمعانا في تجاهل كل المخاوف من انهيار البلد وتحوله إلى دولة فاشلة . لقد رتبت هذه السياسة الهوجاء، التي اقتلعت كل المحظيات عند جردة الحساب وأخطائها التي لا يمكن إحصاؤها ولا تجاهل مجهودها التدميري، مسؤوليات جسام على كل أحرار البلد، بل دفعتهم إلى خط المواجهة التلقائي، خاصة أنه لا توجد ولن توجد أي أفكار ولا قوة ولا جهد يستطيع إصلاح هذا النظام أو تقويمه، كما لا يمكن درء خطره إلا باتخاذ تدابير واضحة وصريحة من أجل فرض شروطٍ لتناوبٍ سلمي عبر إرساء قواعد الشفافية ووضع سلسلة من الإجراءات الضامنة لمسار مستقل عن كل الضغوط.
وانطلاقا من الخشية الكبيرة على مستقبل البلد، وهو على موعد مع استحقاقات مصيرية خلال 2018ـ 2019 لا ينوي النظام تحضيرها بصفة جماعية تؤمن المستقبل، ندعو كافة الموريتانيين إلى الانضمام لنداء "الميثاق الوطني من أجل التناوب " ومساندة هذا النداء الذي أطلقته مجموعة من أبناء هذا الشعب، دافعهاالغيرة والحرص على مستقبل البلد وحمايته من الدخول في مجاهيل عدم الاستقرار.
وستكونون -إخوتنا المواطنين، وأنتم في هذا الوضع المزري ـ أمام مسؤولية التفريط في مستقبل بلدكم إذا لم تسهموا في فرض شروط الاستقرار، خاصة أنكم أنتم أصحاب ميزان القوى في معركة إحقاق الحق.
وإننا نهيب بكل الخيرين والأحرار في المعارضة أو الموالاة أو الذين لم يمتهنوا السياسية من قبل، مهما كانت مشاربهم ومواقفهم، إلى تجاوز كل الخلافات وتوحيد الرؤية والقدرات من أجل إنقاذ البلد ووضعه على الطريق الصحيح الذي يسمح له بالاستمرار مستقرا ومتوازنا في ضوء التطلع نحو الأحسن، ونحذر أصحاب القرار الحقيقيين من مغبة تجاهل تطلعات الشعب ولما يسعى إليه من تناوب سلمي وهادئ. كما نصبو إلى خلق جو تفاهم عام من خلال توقيع هذا الميثاق مع كل الإخوة في البلد لدعم خيارات السلم وتوطيد التناوب وخلق الثقة في نفوس كل الفرقاء السياسيين على حد سواء وذلك في الأساس من أجل تحقيق ما يلي:
ـ إعادة تأسيس لجنة انتخابات مستقلة وفق قواعد متفق عليها من قبل كافة الطيف السياسي وتدعيم سيطرتها ونفوذها على مناخ وظروف وشروط العمليات الانتخابية.
- إعادة تشكيل المجلس الدستوري على أسس سليمة وذات مصداقية.
- توفير الضمانات بعدم التلاعب بالسجل السكاني خدمة لمآرب سياسية.
ـ تفعيل وتحيين قانون تسيير الحملات الانتخابية على نحو صارم.
ـ ضمان حياد أجهزة الدولة مثل المؤسسة العسكرية والإدارة والمؤسسات العمومية، والاعلام، والمال السياسي وعدم استخدام المال العام والنفوذ في العملية السياسية.
ـ إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ووقف المتابعات والرقابة القضائية وإشاعة مناخ من العدالة والمساواة لتنقية الجو العام.
وسنقوم بعد إطلاق هذا البيان بمجموعة من الاتصالات والنشاطات تهدف لتوحيد كافة القوى الساعية للإصلاح والتغيير، ووضع خريطة طريق تمكن من تحقيق ذلك.
والله ولي التوفيق..
عن الموقعين :
أحمد سالم ولد السالك وزير سابق
محمد ولد العابد وزير سابق
سيدي محمد ولد سدين وزير سابق
محمد الأمين ولد ديداه وزير سابق
السنيّ بنت سيدي هيبه وزيرة سابقة
يوسف سيلا شيخ
المعلومة بنت الميداح شيخة
عبد الله مامدو با ناطق سابق باسم رئيس الجمهورية
إمين ولد عبد لله محامي
عمر ولد بيبكر عقيد متقاعد
إبراهيم ولد بلال ناشط حقوقي
الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله أستاذ جامعي
الدكتور ديدي ولد السالك أستاذ جامعي
موسى ولد حامد ناشر صحفي
السالك ولد إنل ناشط حقوقي
محمد الأمين ولد الفاظل كاتب صحفي
السعد ولد حمادي خبير تسويق الكتروني
محمد محمود ولد بكار كاتب صحفي