أُسدل ستار المشهد الأول من العملية السياسية العراقية بإنتخابات 2018م، وإتضحت ملامح تغيير كبير، في الأدوار وحجم المهمات، التي أناطها الشعب بالقوى السياسية، ورغم قلة المشاركة الإنتخابية، إلاّ أن ذلك لا ينفي تمثيلاً للشعب وسخط وغضب على العمليات السياسية السابقة، وأن عبر عنه المقاطعون بصورة سلبية عند رفضهم للممارسات التي تشوب العمل السياسي، وإنتهى المشهد الأول بظهور أشخاص جدد، وإختلفت مواقع الجلوس بين المقدمة والصفوف الخلفية، وأهمية المكانة في دورها في تحريك أوراق اللعب.
لم تنتهي قصة إنتخابات 2018م، بهذا المشهد الشائك وتقارب النتائج، وربما ننتظر أكثر من فصل وتغيير بقواعد لعبة مستندة على التوافقية.
كل القوى وفي باطن برامجها المعلنة التي تحاول إرضاء الجماهير، تتحدث عن أسباب حقيقية لفشل الدولة، وتعثر حركة الإعمار والخدمات، وما أصبح يقياناً لديها وفي الشارع، على أن التوافقية والمحاصة وتغليب الحزبية، هي من أهم أسباب تقاطع العمل الحكومي والحزبي، وبذا تطرح معظمها الأغلبية السياسية أو الوطنية أو حكومة عبور المكونات، للتخلص من التوافق، الذي إنتهي بلمفات الفشل والفساد للإغلاق بمقابل ملفات آخرى.
حديث القوى عن المشاريع إصطدم بالنتائج الإنتخابية، التي لا تتيح لأحد التفرد بالقرار وحصوله على الأغلبية لتشكيل حكومة ومن ثم تنفيذ البرنامج الإنتخابي، ورغم أن بعضها أعدت برامج لا تتعدى العبور من صندوق الإقتراع، وتسابقت بوسائل شتى وطرق منها من تجاوز الأعراف السياسية والإجتماعية والأخلاقية.
في ظل تقارب النتائج وتقاطع الإرادات والسباق المحموم على السلطة، حتى داخل الكتلة الواحدة، ما يضطر القوى لتشكيل تحالفات وكتلة أكبر داخل البرلمان، وحسب ما إدعت في وقتها على أنها ستتقارب على أساس البرامج، ولكن الواضح ليس بهذا الشكل، بقدر ما سعيها الحثيث للإلتئام والتجمع لضمان المشاركة بتشكيل الحكومة، ومن ثم التفكير بالخطوات اللاحقة، وفي غضون شهر ضمن المدة الدستورية، وحتماً سيكون العمل مستعجلاً، دون الخوض بالتفاصيل، لغلق الطريق أمام بقية القوى من تشكيل الأغلبية.
الفصل المهم بعد الإنتخابات ليس فقط تشكيل حكومة، أن لم تكن بمستوى طموح الشارع التواق للتخلص من عقدة الفساد والفشل المقرون بالتوافقات، بحكومة مرضية لمعظم الأطراف المكوناتية العراقية.
لابد أن تشكل الحكومة المقبلة من أغلبية وطنية، تُشارك فيها كل المكونات بأغلبيتها، وتعارضها أقلية من نفس المكونات، فيجتمع معظم المكون الشيعي، ومعظم المكون السني، ومعظم المكون الكوردي للأغلبية، والمتبقي في المعارضة، وتُطرح 3 أسماء من الشيعة لمنصب رئاسة الوزراء، و3 سنة لرئاسة البرلمان، و3 كورد لرئاسة الجمهورية، على أن يتم التصويت على كل منصب من كل المكونات المشتركة في الكتلة الأكبر، بشرط يحصل المرشح على أكثر من نصف الأصوات، وفي حال عدم الوصول الى هذا الرقم يُعاد التصويت بين أثنين وتسقيط الثالث، وبذلك نضمن رئيس مجلس وزراء ورئيس برلمان ورئيس جمهورية، والمهم في هذا أن تكون القوى المشتركة ممثلة حقيقية للمكونات، ولا بد لبقية القوى القبول بالنتائج وممارسة دور المعارضة الإيجابية.