انتشرت مؤخرا العديد من التحليلات عن إختفاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن المشهد العام في مملكة ال سعود، ومن بين هذه التحليلات انه قتل خلال عملية اطلاق النار التي حصلت في 21 من الشهر الماضي قرب احد القصور الملكية في العاصمة الرياض، وما اثار الشكوك هو ان الرجل لم يظهر باي شكل من الاشكال منذ ذلك التاريخ. ومما زاد من الشكوك والتحليلات هو زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو مؤخرا الى السعودي حيث التقى الملك سلمان ونجله خالد من دون ان يلتقي ولي العهد ولم يعلن ان ذلك تم بعيدا عن الاضواء، فقلما يزور مملكة آل سعود شخصية بحجم وزير خارجية الولايات المتحدة ويتغيب عن الحضور وليد العهد السعودي اللهم إلا اذا كان دافع جدي خلف ذلك. حقيقة الاختفاء.. وتعدد الفرضيات
فهل هل هذه الانباء عن مقتل او اصابة محمد بن سلمان صحيحة؟ وبالتالي هل فعلا قتل الرجل الحالم بالجلوس على كرسي الملك في السعودية لعشرات السنوات أم انه أصيب اصابة معينة تمنعه من الظهور امام شاشات الكاميرا؟ هل مثل هذه الفرضيات صحيحة أم ان الامر هو مجرد تحليل اعلامي سطحي ليس له اي وجود على الاطلاق في دنيا الواقع؟ ولكن اين هو ابن سلمان ولماذا يختفي طالما انه لم يتعرض لأي أذى؟ ولو افترضنا انه أصيب ولم قتل فلماذا لم ينقل عنه تصريح ما للتأكيد انه على قيد الحياة ولازالة اللبس الحاصل حول ذلك؟ وحتى لو انه قتل ما الذي يمنع حتى الساعة من الاعلان الرسمي عن ذلك؟ الواقع انه لا تتوافر معلومات حاسمة جازمة حول ما جرى قرب القصور الملكية في حي الخزامي بالرياض خلال شهر نيسان/ابريل الماضي، وقد تعددت الروايات التي تحدث عن إشكال حصل بين امراء من آل سعود، وهناك من تحدث ان ولي العهد عبر عناصره الامنية الخاصة افتعل الحادثة للاستثمار فيها بما يخدم مصالحه السياسية والامنية الداخلية ولتنفيذ بعض المخططات والاعتقالات من باب انه جرى قمع لهذا العمل الأمني، وأيضا هناك الرواية الرسمية التي تحدث عن إطلاق نار باتجاه طائرة تصوير وهي رواية اقل ما يقال فيها انها ضعيفة وغير مؤثرة للتصديق. وبالتالي طالما ان تفاصيل ما جرى غير اكيدة فمن البديهي ان النتائج التي ترتبت عن ذلك هي أيضا غير محسومة، ولذلك من غير المؤكد من قُتل ومن اصيب في هذه الحادثة ومن غير المؤكد ان يكون هناك محاولة انقلاب من بعض الامراء على الملك سلمان ونجله ولي العهد وايضا من غير المثبت صدق رواية السلطة التي ظهرت بصورة محرجة وأرادت إخبار أي رواية للتدليل ان الامن ممسوك وان لا اهتزازات داخلية في السعودية.
ابن سلمان واسباب التواري..
وبالسياق، قالت مصادر متابعة إن "فرضية ان يكون محمد بن سلمان يتوارى بمحض ارادته عن الانظار قائمة ولها ما يبررها على عدة صعد"، واوضحت ان "ابن سلمان قد يكون اتخذ القرار بالاختفاء لاثارة الريبة والشكوك لدى اعدائه وخصومه حيث انه يتعاطى بشكل امني حتى مع الدائرة القريبة منه، فهو يبث الشائعات على الطريقة المخابراتية البوليسية ليحصد آراء مختلف الاطراف وكيفية تصرفهم ليبني على الشي مقتضاه". ولفتت المصادر الى ان "ابن سلمان يريد الابتعاد قليلا لتمرير بعض المخططات الامنية في الداخل، حيث يمكنه ذلك من اطلاق يد الاجهزة الامنية الخاصة به لتنفيذ اعتقالات او التضييق على معارضيه بحجة ان سلامة ولي العهد تعرضت للخطر وبالتالي يجب اتخاذ اجراءات معينة لضمان سلامة وامن القيادات السعودية". واشارت المصادر الى ان "ابن سلمان يريد الابتعاد عن المشهد اليوم ربما لتمرير بعض المخططات الاقليمية لا سيما فيما يتعلق بالقدس وفلسطين وما يحكى عن صفقة القرن التي يعتبر احد الادوات العاملة بجد على تمريرها"، وتابعت "غياب ابن سلمان له علاقة بصورته المستقبلية بانه لم يكن متواجدا بالمشهد عند تضييع فلسطين وانما والده الملك كان صاحب السلطة والمؤثر في البلاد عند تمرير صفقة القرن وتطبيقها والاعلان عنها"، واضافت "ابن سلمان يعتقد انه من الافضل ان يعمل خلف الكواليس من العمل تحت الاضواء ما يخفف من التبعات التي يحملها لاحقا حول القضية الفلسطينية والاتهامات التي توجه اليه في هذا الخصوص". لذلك فإن مسألة اختفاء ابن سلمان قد تكون بدرجة كبيرة عملية مدبرة منه شخصيا، ولا يبنى عليها اي شيء في الواقع السعودي، لانه قد يعود في اللحظة المناسبة التي يقدرها هو ليؤكد انه بخير بعد ان يكون حقق اهدافه من غيابه المفاجئ هذا، اما امكانية وفاته او مقتله فهذا يعني انه حلمه بالجلوس لعشرات السنوات على كرسي الملك لن يتحقق وبات من الذكريات، وان الموت قد يحصد ابن سلمان وغيره في اي لحظة بمشية الله، وبالتالي من الاجدى العمل بالشكل الصائب والاخلاقي والقانوني وترك الاثر الطيب بين الناس في الداخل والخارج بدل اختراع المشاكل وبث الفتن وافتعال الحروب وإراقة الدماء لمصالح دنيوية آنية ضيقة.