تستعد الطبقة السياسية بكثير من الحماس لخوض الاستحقاقات البلدية والجهوية والتشريعية في النصف الثاني من السنة الجارية، كما تقتضي ذلك ضرورات احترام الآجال الدستورية المتعلقة بالمجلس النيابي والمجالس البلدية الحالية. وقد أنشئت لهذا الغرض اللجنة المستقلة للانتخابات التي باشرت إجراءات اكتتاب موظفيها والتوقيع على اتفاق مع المكتب الوطني للإحصاء من أجل الإشراف على إحصاء ذي طابع انتخابي.
لكن هل أن لجنة الانتخابات أصبحت جاهزة فعلا لتنظيم 3 استحقاقات انتخابية قبل نهاية السنة الجارية؟ وهل من مصلحة السلطة –التي تصارع من أجل عقد مؤتمر وطني لحزبها- أن تخوض معركة انتخابية بهذا الحجم على بعد أشهر فقط من موعد اختبار التناوب على السلطة؟ وكيف سيكون وضع مرشح السلطة القادم حين تتعرض هذه الأخيرة لنكسة انتخابية تفقدها السيطرة على البرلمان مثلا؟
تعيد الوضعية الحالية إلى الأذهان تجربة انتخابات 2006 و 2007 حين تم زرع حقل ألغام على جنبات الطريق المؤدي إلى الرئاسة، مما عجل بتفكيك النظام القائم آنذاك وخلف ذكريات سيئة إضافة إلى ما تسبب فيه من أضرار باهظة لعملية التحول الديمقراطي قد لا يكون هناك من هو مستعد للمجازفة بتكرارها.
وبدلا من ذلك فإن الظروف قد تكون مواتية للمفاضلة بين مختلف السيناريوهات المتاحة لمنح مزيد من الوقت لإمكانية تنظيم انتخابات عالية المصداقية في ظل مناخ توافقي وتحت إشراف هيئة مستقلة تحوز ثقة مختلف الفاعلين ولا توجد طعون حول شرعيتها أمام القضاء يمكن أن تسفر في أي وقت عن حكم يعيد مجمل المسار الانتخابي إلى نقطة الصفر !
ألا يمكن أن تكون السلطة –التي لم تمنح بعد للجنة الانتخابات الوسائل الكفيلة بإطلاق أنشطتها التحضيرية- تفكر في مقايضة التمديد للبرلمان الحالي والمجالس البلدية بانتخابات رئاسية سابقة لأوانها؟ وهل يمكن لمقايضة كهذه أن تكون بديلا للحوار الذي دعت إليه المعارضة من أجل ضمان حصول عملية التناوب القادمة في جو من التفاهم والتوافق؟
من المستبعد -على الأقل- أن ترفض المعارضة الراديكالية "مفاجأة سعيدة" بالنسبة لها تتمثل في المغادرة المبكرة للرئيس عزيز، وإن كانت لم تستعد بعد بما فيه الكفاية لخوض الانتخابات الرئاسية وخصوصا لمواجهة مرشح موحد تشير كل المعطيات إلى أن "الدولة العميقة" قد باركته وأنها تنتظر الوقت المناسب للإعلان عنه !