كانت حسنة ملص تمتلك ملها ليليا، يدر عليها كثيرا من الأموال، مما جعلها تفتح حسابا لها في مصرف الرافدين، هذا المصرف الذي حدث نقص في أمواله، بمقدار 300 دينار عند تدقيق الحساب اليومي، فإضطرت إدارة المصرف الى الاتصال في جميع العملاء المحترمين، إلا حسنة ملص.
بعد إجراء الكثير من الإتصالات، على أمل إسترجاع المبلغ المفقود، أعتذر جميع العملاء من الإدارة، مؤكدين أنهم لم يستلموا ذلك المبلغ الكبير، فقرر مدير المصرف جمعه من قبل موظفي المصرف، ولن يسمح لأحدهم بالخروج ما لم يتم جمع المبلغ المفقود، فبين الحزن والغضب ولوم الموظفين بعضهم لبعض، تم إعادته الى الصندوق.
في صباح اليوم التالي؛ دخل الى المصرف إبن " حسنة ملص "، سائلا عن غرفة المدير! فدخل إليها قائلا: " أستاذ أمي تبعث لك سلامها، وأرسلت لك مبلغ 300 دينار، توهم أمين الصندوق وأعطاه لها بالخطأ!.. تفضل خذها"، هذه القصة التي ألهمت الشاعر الراحل رحيم المالكي فأنشد : " ياهو المنك أشرف خاطر أشكيله .. دليني يا حسنة وباجر أمشيله ".
بعد سقوط النظام الصدامي تعاقبت على العراق حكومات متعددة، حملت عناوين مختلفة، فبين حكومة أياد علاوي التي حملت معنى العلمانية والليبرالية، الى حكومات ظاهرها وعنوانها العام إسلامي، وهي لم تطبق من الإسلام شيئا، أتفق الجميع أنها كانت سببا في الفساد والفشل والإرهاب، الذي تعرض له العراق طيلة الفترة الماضية، مؤديا الى إنهيار حاد في بنية الدولة التي إستشرى الفساد في كل أركانها.
الفوضى والفساد كان العنوان العريض للأحداث التي مرت على العراق طيلة الفترة الماضية، حيث تعاون الفساد والإرهاب على نخر جسد الدولة العراقية، التي عادت الى الوجود بعد إجراء عملية كبرى في جسدها، ذهب خلالها الآلاف من الضحايا، ومليارات سلبت من قبل الفاسدين والإرهابيين، ولم تقدم الى الآن الحسابات الختامية لكلا الطرفين.
عجزت الحكومات السابقة، عن الضرب بيد من " حديد " بل حتى من " ورق "، على أيدي السراق والفاسدين رغم المناشدات والمطالبات، وبقيت هذه المطالب مؤجلة بإنتظار الحكومة الجديدة، التي يأمل الشارع العراقي أن تكون مختلفة عن سابقاتها، وتحقق ما يبغيه المواطن العراقي وأولها محاربة الفساد، وإعادة أمواله المنهوبة.
فهل ستفعل حكومتنا القادمة ما فعلته حسنة ملص، وتعيد أموالنا المنهوبة الى الخزينة، أم عفا الله عما سلف!.
ثامر الحجامي