قال الكاتب الأمريكي “نيوكولاس كريستوف” إن على العائلة الحاكمة في السعودية أن تبحث عن ولي عهد جديد خلفاً لمحمد بن سلمان، وأن على الولايات المتحدة أن تطلب ذلك من الرياض أيضاً، على خلفية أنباء عن تورط ولي العهد السعودي في مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول.
وأوضح كريستوف في مقال له بصحيفة “نيويورك تايمز”، أن “التقارير عن مقتل خاشقجي تتزايد، ويبدو أن الصحفي الذي عرفته منذ أكثر من 15 عاماً قد قُتل بطريقة مثيرة للاشمئزاز، حيث تزعم تركيا أن لديها شريطاً صوتياً للمحققين السعوديين، وهم يعذبون جمال ويقتلونه داخل القنصلية”.
وأوضح الكاتب أنه على “الرغم من أن لاشيء مؤكد حتى اللحظة والجميع يطالب بأن يعرف حقيقة ما جرى، ولكن يبدو و بشكل متزايد، أن ولي العهد محمد بن سلمان، هو من دبر عملية التعذيب والاعتقال وتقطيع أوصال صحفي دخل مبنى دبلوماسي في إحدى دول حلف الناتو”.
ووصف “كريستوف” ما جرى مع خاشقجي بأنه “أمر بشع”، مضيفاً أن “ما يضاعف من بشاعته الإستجابة الفاترة من قبل الرئيس دونالد ترامب والبيت الأبيض، فلقد رفض الرئيس الأمريكي وقف بيع الأسلحة للسعودية، فهو يعتقد أن هذه العملية ستكون مثل زوبعة في فنجان ثم ينتهي كل شيء وتعود الأمور إلى سابق عهدها”.
ويتابع الكاتب: “بصراحة هذا عار على المسؤولين في إدارة ترامب وأباطرة الأعمال التجارية، الذين سبق لهم أن صفقوا لمحمد بن سلمان رغم أنه سجن العشرات من رجال الأعمال والأمراء وخطف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وأجبره على الإستقالة، وتهور في خلق أزمة مع قطر، وذهب إلى حرب اليمن التي خلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يعيش قرابة 8 ملايين يمني على حافة المجاعة”.
وبين كريستوف أن “محمد بن سلمان كسب ثقة عائلة ترامب وكان على علاقة وثيقة معهم، وكان صهر ترامب جاريد كوشنر يتواصل معه، حتى دون المرور بالقنوات الرسمية المعتادة ودون أن يبلغ وزارة الخارجية طبيعة تلك الاتصالات”.
لقد لعب بن سلمان على وتر الإصلاحات بل وأبدى استعداداه بالإعتراف بـ”إسرائيل” ومنحها حق البقاء – يقول الكاتب – وهي من الأسباب التي دفعت ترامب وعائلته لاحتضانه، هذا طبعا بالإضافة إلى إعلان السعودية عن نتيها شراء أسلحة أمريكية بقيمة 110 مليار دولار رغم أن لا شيء من ذلك حصل فعلياً.
واعتبر الكاتب أن الحملة على الفساد التي قادها بن سلمان داخل السعودية، مثال آخر على “تلاعبه ونفاقه” مضيفاً أيضاً أنه “في الوقت الذي اعتقل المئات بتهم الفساد، اشترى بن سلمان قلعة في فرنسا بقيمة 300 مليون دولار، ويخت بقيمة 500 مليون دولار ، وفي وقت أعلن فيه حملة إصلاحات إجتماعية بأن سمح للنساء بقيادة السيارة، قام باعتقال العديد من الناشطات والنشطاء، بل إن السلطات السعودية دبرت عملية اعتقال وجلب الناشطة لجين الهذلول من الإمارات”.
وفي الشهر الماضي هاجم عدد من السعوديين منشقاً سعودياً في لندن يدعى غانم الدوسري، الذي كثيراً ما ينشر مقاطع هزلية تنتقد ولي العهد والملك السعودي.
ويؤكد الكاتب، أن العالم اليوم بحاجة إلى تحقيق دولي يمكن أن تشرف عليه الأمم المتحدة، لمعرفة ما حصل لخاشقجي، كما أن على الولايات المتحدة أن تشرع بتحقيق داخلي لمعرفة فيما إذا كان بن سلمان قد أشترى النفوذ بالمال الذي استفادت منه عائلة ترامب، حيث تشير الأرقام إلى إنفاق ولي العهد السعودي 270 مليون دولار على شركة ضغط تقيم في فندق ترامب في واشنطن.
كما أشارت صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن الحجوزات السعودية في فندق ترامب بشيكاغو، زادت بنسبة 169% من النصف الأول من العام 2016 إلى النصف الأول من هذا العام، حتى أن المدير العام لفندق ترامب في نيويورك قال للمستثمرين أن الإيرادات زادت بسبب “الزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي إلى نيويورك الصيف الماضي”.
وإذا لم تثبت السعودية أن خاشقجي “آمن وسليم”، طالب الكاتب دول الناتو بطرد السفراء السعوديين ووقف مبيعات الأسلحة إليها.
كما طالب الكاتب الولايات المتحدة أيضاً بأن تبدأ تحقيقاً بموجب قانون “ماغنيتسكي”، وأن تكون على أهبة الأستعداد لفرض عقوبات على المسؤولين السعودين بما فيهم محمد بن سلمان.
ويختتم كاتب المقال بالتأكيد على أن الولايات المتحدة أن تبلغ السعودية بضرورة البحث عن ولي عهد جديد، بدلاً من “الأمير المجنون” الذي قتل الصحفي خاشقجي، وخطف رئيس الوزراء اللبناني، فمثل هذا الأمير لا ينبغي أن يحتفى به وإنما يجب أن يوضع في “زنزانة”.