قصة خاشقجي أصبحت وبال امر مملكة آل سعود و قد تجعل قائد الأمة العربية بل الإسلامية المزعوم قريبا يلفظ أنفاسه الأخيرة.
ظهرت أمارات هذا الضغط حينما اتضح أن بورصة السعودية هوت فجأة الى ما يقرب من 7 بالمئة من قيمتها. سقوط کلّف المملکة العربية السعودية خمسين مليار دولار، مهدراً ما استثمره المستثمرون العرب منذ بداية العام.
وعيد ترامب و المطالبات المصرة للبلدان الاوروبية للکشف عن مصير خاشقجي، يوصلنا الى نتيجة واضحة جلية و هي صيرورة خاشقجي في هذه الايام اکبر کابوس لمحمد بن سلمان امير الظلام الذي ابدى الآن نصفه المظلم للغرب. شخصية علق عليها الغرب آمالا کبيرة باصلاحاته المزعومة لکنه الآن اصاب جميع داعميه بخيبة الامل.
بنظرة الى السنوات الثلاث الماضية يظهر لنا بجلاء ان هناک اسباباً کثيرة لتشخيص جوهر الامير السعودي المظلم، لکن ما بدا اَنّ العوائد المالية لصفقات السلاح باهظة الثمن بين البلدان العربية کانت کافية لغض النظر عن کل هذه العلائم و الأماراة.
الآن قد تحولت جثة خاشقجي المقطعة الى ازمة لحکومة السعودية و يبدو أن بلدان العالم الغربي حتى تلك التي كانت تميل شديد الميل الى الحصول على الدولارات السعودية قد أبدت من نفسها ردة فعلٍ عنيفة في مقابلة فضيحة قتل خاشقجي.
في هذا السياق يأتي قول ترامب انه في حال ثبوت قتل جمال خاشقجي الصحافي السعودي المنتقد على يد السعوديين فإنّ هناک عقاباً صعباً سينتظر الرياض و من ثم الرد من احد کبار المسؤولين في قناة العربية السعودية بتوعّد امريکا و القول إنّ للرياض خيارات کثيرة لمواجهة واشنطن.
قال ترکي الدخيل احد الصحفيين السعوديين البارزين السعوديين الذي يشغل الان منصب المدير العام لقناة العربية في دبي بعد ظهر يوم الاحد في مقال کتبه حول هذا الموضوع أنّ فرض العقوبات على الرياض سيکون له تبعات كبيرة على المنطقة و العالم، و التي ستضر باقتصاد امريکا اکثر مما ستؤثر على اقتصاد السعودية نفسها.
في الاسابيع الماضية انتقد ترامپ لمرّات عدة ارتفاع اسعار النفط و طالب البلدان العربية بخفض اسعار النفط عن طريق زيادة الانتاج. تشبث الدخيل بهذه القضية نفسها أداة للضغط على واشنطن قائلا: اذا فُرِضَت العقوبات الامريکية على السعوديين فسَنُواجه فاجعة اقتصادية، تضر العالم بأثره.
الرياض عاصمة النفط و الاضرار بالسعودية سَيؤثّر على انتاج النفط قبل أي سلعة حيوية اخرى. هذا الموضوع سَيؤدّي الى عدم قدرة السعودية في انتاج سبعة ملايين و خمسمئة ألف برميل من النفط.
اذا کان النفط بسعر ثمانين دولاراً يغضب دونالد ترامپ فليس لأحدٍ ينکر امکانية ارتفاع اسعار النفط الى مئة اَو مئتَي دولار اَو حتى ضِعفَي هذا المبلغ. ثم عمد ترکي الدخيل ملوّحاً باتساع رقعة الهجمات الارهابية و کتب:
حتى الآن کان الحديث عن النفط لكن يجب اَن لاننسى بأن السعودية و نظراً لمکانتها و اهميتها الجغرافية، فهي تقود العالم الاسلامي و من المحتمل أن يکون ضرباً من الماضي تبادل المعلومات الموثقة بين الرياض و امريکا و البلدان الغربية و التي يعترف بها السلطات الغربية بأنها تساعد في حفظ ارواح الملايين في الغرب و كذلك احتمال استبدال الدولار الامريکي باليوان الصيني و ما ذکرناه سيجعل الشرق الاوسط و جميع العالم الاسلامي تحت سيطرة ايران التي ستکون حينها اقرب الى الرياض منها لواشنطن.
کما أنّ بإمکان الرياض أن توقف شراء الاسلحة من امريکا، الرياض هي أهم زبون للشرکات الامريکية و سيكون المتبقي لسائر مناطق العالم هو خمس بالمئة فقط. اضافة الى هذا يجب اَن نلتفت الى انهاء استثمارات الرياض في امريکا و التي تبلغ ثمانمئة مليار دولار کما أن امريکا ستُحرم من السوق السعودية و هي احدى الاقتصادات الکبرى العشرين في العالم”.
من الطبيعي أن هذه الاقوال تثير ضحک أي خبير مطلع على الشؤون الدولية و السبب أن بامکان حکومة ترامب و من اجل معاقبة السعودية ان تقوم بتطبيق قانون «جاستا» بشکل کامل، و من ثَمَّ تصادر مئات المليارات من الدولارات من اوراق الدّين لدى الخزانة الامريکية التي کان السعوديون قد اشتروها و ذلك بموجب شکوى ذوي ضحايا الحادثة الحادي عشر من سبتمبر الارهابية.
من جهة اخرى لأن السعودية تحتاج کثيرا الى السلاح الامريکي فهي لا تستطيع ايقاف شرائها حتى لفترة وجيزة. و ذلک لأنّ ماکينة محمد بن سلمان الحربية ستتوقّف في غضون اقل من اثنتين و سبعين ساعة.
مع هذا کله فانّ هذا التنمر الاعلامي ليس سوى جزء من حرب السعودية النفسية. کما و أنّ بعض الشخصيات و الاعلام الداعم للسعودية يسعى لحرف الانظار الى اتجاهات اخرى مثل ايران و ترکيا و الاخوان المسلمين و قطر. کان قد استعمل ترامب کلمة البقر الحلوب لحکومة الملک سلمان، و صرّح بأنّ الشيء الوحيد القيم هو الحصول على الثروات النفطية لسعودية.
و لا يخفى على احد تصريحاته في حملاته الانتخابية مؤخراً اذ طالب السعودية بالدفع مقابل الحماية لها، و الا فلن يبقى حکم آل سعود و لن يستمرّ الى اکثر من اسبوعين.
اما الآن يبد و بعد ازمة اختفاء جمال خاشقجي اَنّ الرياض تواجه ضغوطاً اکبر بأضعاف من الاهانات السالفة لترامب على المستوى الدولي و قد کسر آل سعود هذه المرة صمتهم مقابل وعيد رئيس جمهورية امريکا الذي هدَّد آل سعود بالعقاب الصارم و الصعب. مع کل هذا و في حين نطق السعوديون على لسان ترکي الدخيل اعلنت وسائل الاعلام نبأ سفر وزير خارجية امريکا لاجراء محادثات مع العاهل السعودي، حول حادثة اختفاء جمال خاشقجي بعد حديث رئيس جمهورية امريکا مع الملک سلمان هاتفيا و هو الذي کان قد صرّح بأنه من المحتمل أن قتلة مارقين هم وراء مقتل جمال خاشقجي مؤکّدا أن الملک سلمان أعرب عن جهله الکامل بما جرى لجمال خاشقجي.