(سلسلة جديدة من الأكاذيب السعودية تهين عقول الناس)بهذه الكلمات وصف الكاتب الأمريكي “نيكولاس كريستوف” الرواية السعودية الرسمية لمقتل الصحفي “جمال خاشقجي” داخل قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول التركية، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وفي مقال نشره بصحيفة “نيويورك تايمز”، علق الكاتب الأمريكي على تبرير السلطات السعودية لقتل “خاشقجي” بنشوب مشاجرة واشتباك بالأيدي بينه وبين عدد من الأشخاص داخل القنصلية، قائلا: “حقا؟ أليس ذلك هو الشجار الذي جلب فيه السعوديون الحمقى منشار عظام لتقطيع أوصال خاشقجي حيا، كما أوردت بعض التقارير؟”
وأضاف أن مزاعم السلطات السعودية بأن صحفيا تم بتر أصابعه، كجزء من تعذيبه، تمكن من دخول مشاجرة بالأيدي، متناقضة، إذ لم يتبق لـ “خاشقجي” قبضتي يد حينها أصلا.
وأشار “كريستوف” إلى أنه عرف “خاشقجي” لأكثر من 15 عامًا، وأصابته مجريات ما حدث له بالفزع، بدءا من تعرضه لتعذيب وحشي، مرورا بمحاولة التغطية على هكذا جريمة من قبل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، وانتهاء بالجهود التي تبذلها الحكومة السعودية لوضع أكباش فداء لمسؤولية اغتياله، عبر إعلانها قيادة ولي العهد “محمد بن سلمان” للتحقيق.
وأكد الكاتب الأمريكي يقينه بموافقة “بن سلمان” شخصيا على عملية اغتيال “خاشقجي”، قائلا: “الجميع تقريبا يعرفون ذلك”.
وأشار إلى أن الاسم الاختصاري (MBS) لم يعد معبرا عن الحروف الأولى من (محمد بن سلمان Mohamad Bin Salman) بل عن صفقة (السيد منشار العظام Mister Bone Saw)، واصفا المزاعم السعودية بشأن مقتل “خاشقجي” بأنها “أكاذيب صارخة جدا”.
وذكر “كريستوف” أن أكاذيب المسؤولين السعوديين تقوم على أساس افتراض مفاده أن “محمد بن سلمان” سيحظى بدعم من الولايات المتحدة للتستر على جريمته، ويعتبرون ذلك رهانا جيدا باعتبار أن “ترامب” هو أول من روج لرواية وجود “قتلة مارقين” وقفوا رواء اغتيال “خاشقجي”.
وحذر المقال من أن تخلص “محمد بن سلمان” من مسؤوليته عن اغتيال خاشقجي كما تخلص سابقا من خطف رئيس وزراء لبنان “سعد الحريري” ومن تجويع 8 ملايين يمني؛ يعني حصوله – وأي مستبد آخر – على الضوء الأخضر لإخفاء أي صحفي مزعج.
وأضاف الكاتب الأمريكي: “سيتحول جميع الصحافيين والناشطين الديمقراطيين حول العالم إلى أهداف”.
واعتبر “كريستوف” التعاطي مع الاعتراف السعودي بمقتل “خاشقجي” اختبارا لـ “ترامب” يثبت ما إذا كان سيلتزم بالتغطية على الجريمة، أم سيحاول الحفاظ على شرف أمريكا، حسب تعبيره.
ولفت إلى أن “السعوديين سكبوا المال في فنادق ترامب بعد انتخابه رئيسا” متسائلا: “هل كانت هذه محاولة لشراء النوايا الحسنة، وهل أثرت على سياسته؟ وهل حذر مجتمع الاستخبارات الأمريكية جمال من الأخطار التي يواجهها من قبل السعوديين؟”
وقدم المقال خارطة عمل من 5 نقاط يجب على “ترامب” القيام بها إذا كان صادقا في إثبات القيم الأمريكية، أولها أن تسعى دول (الناتو) لإجراء تحقيق دولي في مقتل “خاشقجي” بشكل مشترك، باعتبار أن جريمة اغتياله تمت على أراضي دولة عضو بالحلف (تركيا)، على أن يتم تبني ذلك من قبل الأمم المتحدة (مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو مجلس حقوق الإنسان).
وتضمنت النقطتان الثانية والثالثة، تنسيق دول الناتو لطرد جميع السفراء السعوديين بشكل مشترك، ووقف جميع مبيعات الأسلحة للمملكة، بما في ذلك قطع الغيار للطائرات.
وأشار “كريستوف” إلى أن ذلك من شأنه أن يمثل ضغطاً كبيراً على السعودية، التي تعتمد على الولايات المتحدة في الحفاظ على أمنها.
وتمثل مطالبة “ترامب” بالإفراج عن السجناء السياسيين في السعودية، مثل المدون “رائد بدوي”، المحكوم عليه بـ 1000 جلدة، والناشطة في مجال حقوق المرأة “لجين الهذلول”، والدفع باتجاه السماح لأقارب “خاشقجي” بمغادرة المملكة، النقطة الرابعة في خارطة “كريستوف”.
أما النقطة الخامسة والأخيرة فتتمثل في ضغط الولايات المتحدة على العائلة المالكة في السعودية باتجاه الإطاحة بـ “بن سلمان”، عبر التأكيد على أن “الأمير الجنون ذهب بعيدا جدا، ليس فقط بجريمة قتل (خاشقجي) بل أيضا بحربه في اليمن ومواجهته مع قطر واختطافه لرئيس وزراء لبنان، وأنه سيكون ملوثا إلى الأبد”
ولفت “كريستوف”، في هذا الصدد، إلى أن سابقة عام 1964، التي أجبرت العائلة السعودية المالكة على الإطاحة بالملك “سعود بن عبد العزيز” واستبداله بأخيه الملك “فيصل”.