أوشكت المهلة التي طلبتها المملكة العربية السعودية للكشف عن جميع ملابسات مقتل الصحفي جمال خاشقجي على الانتهاء، في حين لم تقدم السلطات أي توضيحات حقيقية ونهائية للجريمة، ولم تكشف للجهات التركية هوية المتعاون المحلي الذي أخفى الجثة، بحسب ما يقوله فريق الاغتيال.
ومنذ أن طلبت الرياض مهلة الشهر للكشف عن جميع ملابسات العملية الإجرامية التي نفذها مقربون من ولي العهد السعودي، في الثاني من أكتوبر الماضي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، والمتمثلة بقتل الصحفي جمال خاشقجي وإخفاء جثته حتى الآن، عبَّر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن انزعاجه من تسلسل الروايات المتناقضة للسلطات السعودية.
وأبدى ترامب عدم رضاه عن رواية السعودية لتسلسل الأحداث بواقعة مقتل خاشقجي، كما أكد أن المهلة التي طلبتها الرياض للكشف عن جميع ملابسات القضية "طويلة جداً".
ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم، يتبقى لدى السعودية 5 أيام فقط على تنفيذ وعودها بكشف الملابسات كافة، في حين تشكك دول ومنظمات حقوقية في مصداقية السعودية، بعد أن غيَّرت روايتها لكيفية قتل خاشقجي أكثر من مرة.
ولم يقنع بيان المدعي العام السعودي الأخير الكثير من دول العالم، واحتوى على ثغرات كبيرة، كما أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال في مؤتمره الصحفي الأخير أن التحقيقات جارية، ما يفتح الباب أمام مزيد من الروايات السعودية الجديدة.
ويوم 22 أكتوبر، قال ترامب إنه تحدث مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وطلب الأخير مهلة شهر للكشف عن ملابسات القضية بالكامل، إلا أن الرئيس الأمريكي رفض هذه المهلة. وقال: "لا يوجد سبب لذلك. لدينا أناس في السعودية، ونخبة من ضباط الاستخبارات في تركيا، سنرى ما لدينا، وسأطَّلع على الأمر، إما الليلة وإما غداً".
وفي خطاب به نبرة تهديد غير مباشر لولي العهد السعودي، أكد الرئيس الأمريكي أن لدى واشنطن رجال استخبارات يعملون في السعودية وتركيا، وسيعودون (..) بمعلومات جديدة سيتم الكشف عنها فوراً.
وبالفعل، أعلنت أنقرة الأسبوع الماضي، أنها شاركت التسجيلات الصوتية التي ترصد اللحظات الأخيرة لمقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، مع دول أخرى مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى السعودية.
وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن حديث الرئيس التركي، قبل أيام، عن التسجيلات الصوتية التي توثق اللحظات الأخيرة للصحفي السعودي، سيزيد من الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي، لا سيما أنه كشف للرأي العام أن تركيا سلمت نسخة منها للاستخبارات الأمريكية في وقت سابق.
وهذه هي المرة الأولى التي يقر فيها أردوغان علانية بوجود تسجيل صوتي، يقول المسؤولون الأتراك إنه يؤكد تفاصيل مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في الثاني من أكتوبر الماضي.
وتنقل "واشنطن بوست" عن اثنين من المسؤولين الأتراك، قولهما إن الصوت يوضح أن خاشقجي عانى قبل الموت، وإنه تعرض للاختناق، وإن عملية قتله استمرت نحو 7 دقائق.
وبحسب أحد المسؤولين الأتراك، فإن أردوغان أبلغه أن عملية قتل خاشقجي استمرت سبع دقائق ونصف دقيقة، تم خنقه خلالها.
وبعد الإعلان عن مشاركة التسجيلات الصوتية، أعلن مسؤول بالبيت الأبيض، يوم الأحد، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أجرى مناقشات مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان بشأن الرد على مقتل خاشقجي.
وأضاف المسؤول لوكالة "رويترز"، أن المناقشات جرت خلال عشاء، يوم السبت، مع رؤساء الدول المجتمعين في باريس، لإحياء الذكرى المئة لمعاهدة إنهاء الحرب العالمية الأولى. في حين أشارت مصادر إلى أن لقاء الرئيسين كان إيجابياً فيما يخص قضية مقتل خاشقجي وبقية قضايا المنطقة.
وأفادت المصادر ذاتها، بحسب قناة "الجزيرة"، بأن قضية خاشقجي أخذت الحيز الأكبر من لقاء الزعيمين على هامش حفل عشاء مع رؤساء الدول المجتمعين في باريس.
واعترفت السعودية، بعد 18 يوماً من النفي، بأن خاشقجي قُتل بمبنى قنصليتها في إسطنبول عمداً، متهمةً فريقاً مؤلفاً من 18 شخصاً بارتكاب الجريمة، وأحالت اثنين من كبار المسؤولين السعوديين للتحقيق، وهما: سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي، ونائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري.
وعلى الرغم من أن أردوغان لم يشر صراحةً إلى تورط ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في حادثة اغتيال خاشقجي، فإنه قال إن أمر القتل جاء من أعلى المستويات في السعودية، وإنه لا يعتقد أن الملك سلمان مسؤول عنه.
واتهم الرئيس التركي السلطات السعودية بالمماطلة في إجراء التحقيقات، بهدف "إنقاذ شخص ما". وقال إن السعودية أرسلت النائب العام، سعود المعجب، إلى إسطنبول، لوضع عراقيل بمسار التحقيق في جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وأضاف أردوغان في مؤتمر صحفي عُقد بالعاصمة أنقرة، السبت الماضي: "أعطينا التسجيلات الصوتية (الخاصة بقضية الاغتيال) للسعودية ودول مثل فرنسا وبريطانيا، ولا داعي للمماطلة".
وصعّد الرئيس التركي من لهجته مع السعودية، مطالباً إياها بالتصرف بعدل للتخلص من هذه الشبهة، "وإلا فإنها ستلصَق بهم دوماً".