التغييرات التي تمت على مستوى المؤسسة العسكرية والأمنية في النصف الثاني من عام 2018 قد تكون ” لعب أطفال ” مع ما ستشهده الجزائر في عام 2019 على مستوى جهاز الحكم، لأن القبول بمقترح تمديد الولاية الرابعة للرئيس بعد عقد ندوة توافقية بين السلطة والأحزاب، يعني بالضرورة أن السلطة ستوافق على تقديم تنازلات في اطار مرحلة إنتقالية تشارك فيها أطراف من خارج السلطة، وجوه جديدة ومسؤولون جدد، وربما لهذا السبب تم تكليف رئيس البرلمان منسق حزب جبهة التحرير الوطني قبل ايام بإطلاق مشاورات لترميم حزب جبهة التحرير، وقبلها تم اقصاء جمال ولد عباس من قيادة الحزب وقبلها ايضا طلب من عبد المجيد سيدي السعيد أن يغادر موقعه في هدوء، بمعنى أن عملية التطهير الكبير والواسع في جهاز إدارة الدولة قد بدات بالفعل حتى قبل طرح مبادرة التمديد أو المرحلة الإنتقالية، الفكرة الاساسية أو الدافع وراء الإعلان عن التمديد، هي أن السلطة تأكدت من خلال مصادر مختلفة من حقيقة أن تنظيم انتخابات رئاسية عادية في ربيع 2019 غير ممكن في ظل المعطيات الحالية، ولهذا لا بد من وجود مخرج يؤمن استمرار رأس السلطة لفترة تسمح بإعادة ترتيب البيت من الداخل وتقديم خليفة الرئيس بوتفليقة وتسهيل وصوله إلى المنصب بسلاسة، وهو ما يحتاج لبعض الوقت أكثر بكثير من الأشهر الاربعة التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية القادمة، ولأن الرئيس القادم سدخل الحلبة بالتدريج، فإن فريقه التنفيذي والسياسي سيكون مختلفا تماما عن الفريق الذي عمل مع الرئيس بوتفليقة عبد العزيز، وبهذا فإن السلطة ستشهد في الاشهر الـ12 القادمة اي في عام 2019 عملية تغيير
هيكيلة كبيرة، والهدف في استمرار السلطة لا استمرار الرجال في المناصب، وبهذا فإن الرؤوس ستتطاير تباعا، إما في شكل قرارات عزل فردية أو في تغيير كبير، والبداية ستكون على الاغلب بالوزارة أو الجهاز التنفيذي، أما بالنسبة للوزير الأول أحمد اويحي فإن مصيره الآن مرتبط بحزب الأرندي أكثر من ارتباطه بالمنصب التنفيذي الذي يشغله .
و في حال التوافق على فترة انتقالية مع تمديد الولاية الرئاسية الرابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة فإن مجموعة كبيرة من رجال الرئيس الحالي للجزائر من الذين تعود الناس على مشاهدتهم في شاشات التلفزيون سيغادرون السلطة إلى الأبد، ومن بينهم أحمد اويحي الذي سيكون إما الرجل رقم 2 في الدولة رسميا أو عبارة عن موظف كبير سابق ومتقاعد القيادات السياسية، أدركت قبل بداية تداول موضوع تأجيل الانتخابات الرئاسية الذي يبقى إلى غاية الآن عبارة عن بالون اختبار ، إلى أن تثبت الرؤية رسميا، خطورة انتخابات رئاسية مغلقة تماما في حال ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة انتخابية جيدة ، وهي تدرك الآن حجم وخطورة الرهان، وتبحث عن التموقع، وهي تعلم يقينا أن ” خسارة نصف خبزة أهون بكثير من خسارة الخبزة كلها ” وأن الأصل هو سلامة واستمرار السلطة .
وكالات