قد يعتقد البعض إن المظاهرات الأخيرة في فرنسا لأصحاب السترات الصفراء ستنتهي لو استجابت الحكومة الفرنسية لمطالب المتظاهرين أو على اقل استطاعت تلبية بعضها ،والتفاوض والحوار مع قادة التظاهرات وتقديم ضمانات لوضع حلول لبقية المطالب خلال الأيام القادمة .
لو رجعنا بعقارب الساعة وتحديدا للفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية نجد اغلب دول أوربا تعرضت إلى نكبة كبيره وخسائر مادية وبشرية جسيمة والانهيار الشبة الكامل في مختلف الجوانب والنواحي الأخرى ، وفرضت على بعضها القيود أو العقوبات بموجب معاهدات أو اتفاقيات لتكون معظم الدول الأوربية ضعيفة ومقيدة بشروط الآخرين ، وتحت ظل حمايتهم وتحالفهم .
قد تجاوزت أوروبا بالفعل محنة الحربين العالميتين ،وحققت ازدهرا وتقدم ملفت للنظر بمختلف المجالات ، وعملت على تعزيز وحدتها وتعاونها ضمن إطار الاتحاد الأوربي ، وتجاوز خلافاتها أو مشاكلها في العهود السابقة، ، ودول مستقلة عن الوصاية أو النفوذ .
الحرب المشتعلة بين أمريكا وروسيا في مختلف الجبهات على الزعامة العالمية ،وسعي كلاهما إلى تحقيق أهدافها أو غايته عبر تشكيل تحالفات دولية ستراتيجية ، وإفشال مشاريع أو مخططات الأخر جعل أوربا تحت المطرقة الأمريكية والروسية من خلال إتباع سياسة تقديم الإغراءات أو التنازلات أو الضغط عليها من خلال التهديد والوعيد وفرض العقوبات الاقتصادية والأصح ممارسة سياسية الضرب تحت الحزم لتكون إمام دول أوربا خيارات محددة في تحديد علاقته أو تحالفها مع الكبار هذا من كفة .
وفي كفة ثانية تسعى بعض دول أوربا كفرنسا وألمانيا إلى الاستقلال الأوربي عن الخضوع للهيمنة الأمريكي أو الروسي، ومجابهة هذا الصراع المحتدمة بين أمريكا وروسيا ، والعمل على تعزيز وحدتها وتعاونها المشتركة بين كل الدولة الأوربية ليكون كيانها مركز ذو قوة يحسب له إلف حساب في حساب الكبار والزعامات العالمية ،وتحقيق منافعها أو مكاسبها الاقتصادية والتجارية .
خلاصة الحديث مسلسل التظاهرات في فرنسا ومدن أخرى لن ينتهي ما دامت الصراعات مشتعلة بين العملاقة ، وستشمل مدن أوربية أخرى ، وقد نشهد الكثير من المتغيرات والحوادث المفاجئة لان المتصارعين سيغيرون طرق أو أساليب حربهم لتحقيق مأربهم لتكون دول أوربا تحت المطرقة .
ماهر ضياء محيي الدين