كشفت معطيات رسمية صادرة عن مندوبية السامية لتخطيط، أن أكثر من ربع التوظيفات بالمغرب تتم بمنطق المحسوبية والزبونية "وباك صاحبي"، في حين أن هناك عدد كبير من التعيينات التي تتم بالمملكة، تخضع لمنطق المحسوبية والزبونية وكذا تأثير العائلات ذو نفوذ لتوظيف أبنائهم في تلك المناصب التي ليسوا مؤهلين لها.
هناك ما يقارب 26 في المائة من التعيينات والتوظيفات لم أجد تفسيرا لها، حيث أن المعنيين بدون كفاءة وخبرة، بل وحتى الشواهد، وأقول أن ظاهرة "باك صاحبي" ، وجدت لها تفسير وحيد، هو أن هذه التعيينات تتم باعتماد الزبونية والمحسوبية وضغط العائلات النافذة، القريبة من المحيط الملكي.
ويأتي تقرير المندوبية السامية لتخطيط، بعد أزيد من خمس سنوات من التعديل الدستوري، الذي توخي منه الجميع، القطع مع كل الظواهر السلبية التي تنتشر في مجتمعاتنا، إلا أن البعض من أولائك الذين تعودوا الدوس بأقدامهم على القانون سعيا لقضاء مآربهم ومصالحهم، كلما وقعوا في مأزق لا يزالون يتوقون إلى الماضي.
فكلما ضاقت بهم الديمقراطية، صاحوا في وجه المستضعفين والمسئولين الصغار" راه عندي شخص فالرباط" لتخويفهم والضغط عليهم ليفسحوا لهم المجال لوضع القانون جانبا، حتى تقضى حوائجهم "بدون شوشرة"، فهل يسمح هذا الشخص لنفسه أن يتدخل ليدوس على القانون، خدمة لمصالح فئة معينة، مستغلا اسمه أو منصبه أو قوته المادية والاجتماعية؟
ومن حقنا أن نتساءل عن مصدر هذا الخوف والرهبة الذي ينتاب البعض بمجرد سماع عبارة "عندو شي واحد في الرباط" وكأن هذه المدينة، لم تعد عاصمة إدارية فحسب بل تحولت من مصدر التشريعات والقوانين، ومدينة المرافق العمومية المركزية، والوزارات، التي تسهر على تطبيق القانون وتسيير دواليب السلطة، إلى مدينة يستغل اسمها لأهداف غير مسئولة تخدم فئة لا تؤمن بالقانون، بل تستطيع ضربه عرض الحائط حين يتعارض مع مصالحها الذاتية، التي لا تخرج عن النفعية والانتهازية والاغتناء على حساب الوطن والمواطن.
إن الأرقام التي خلص إليها تقرير الحليمي في بداية السنة الجارية، ليست إشاعة أو أكذوبة تنم من نار من غير دخان، بل هي واقع لا يزال يخيم ويشهد على استشراء الزبونية والمحسوبية واستغلال النفوذ في بلادنا ، سيرا على منوال الامتيازات الواسعة.
وهذا يعني لجميع المسئولين أن الطريق نحو تحقيق الديمقراطية في بلادنا، شاق وطويل، فما على السياسيين إلا أن يقتنعوا إلى حدود الإعلان عن تقرير المندوبية السامية للتخطيط، أننا لا زلنا لم نصل بعد إلى الحلم المنشود، مغرب الحق والقانون، وأن ما نعيشه اليوم لا يعدو أن يكون إلا ديمقراطية من صنع المغرب.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية