كان العام 2018 صاخبا للغاية بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان".
وقد ذهب من كونه مصلحا ثوريا يقود ربيعا عربيا سعوديا من أعلى، إلى تلقي اللوم بالإجماع من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي على القتل المتعمد لـ "جمال خاشقجي".
ويُنظر الآن إلى ولي العهد البالغ من العمر 33 عاما على أنه مستبد خطير ومتهور متورط في جرائم حرب ومجاعة جماعية.
ومن المرجح أن يكون المجتمع السياسي والإعلام أكثر عدائية تجاهه في عام 2019.. لقد كان حقا عام السقوط بالنسبة لـ"بن سلمان".
وكان ولي العهد قد بدأ العام بزيارات كبيرة للمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وقد اجتذبت الزيارات، التي حظيت بدعم حملات ضغط مكلفة وماكينات علاقة عامة نشطة، اهتماما هائلا.
وفي إنجلترا، استقبلته الملكة "إليزابيث الثانية"، ورئيسة الوزراء، وتوفر المملكة المتحدة نحو ثلث المخزون الجوي للقوات الجوية الملكية السعودية، وكان هناك حديث عن صفقة أسلحة جديدة كبيرة.
وكانت جولة الولايات المتحدة طويلة، وامتدت لمدة 3 أسابيع تقريبا، في مارس/آذار وأبريل/نيسان.
وفي البيت الأبيض، رحب الرئيس "ترامب" بالأمير بصور كبيرة، وأشاد بصفقات الأسلحة الأمريكية مع السعودية، وحثه على شراء المزيد من الأسلحة.
ومن ثم انتقل في رحلته إلى "كامبريدج" و"وول ستريت" و"سياتل" و"هوليوود" و"وادي السيليكون" و"هيوستن".
وكانت "أوبرا وينفري" و"مايكل بلومبرغ" و"بيل كلينتون"، ومجموعة من المشاهير الآخرين، قد تسابقوا لالتقاط الصور مع الأمير، وفي تكساس، اجتمع مع الرئيسين "بوش"، الابن والأب.
وقد تم التعهد بصفقات باهظة للاستثمار في "رؤية السعودية 2030"، وهي خطة الأمير للحد من الاعتماد السعودي على النفط وإصلاح الاقتصاد والمجتمع، ولم يحث سوى حفنة فقط من النقاد على الحذر في الاحتضان المتسرع للأمير.
وكانت جاذبية ولي العهد جزءا من برنامج التغيير الاجتماعي الاقتصادي الذي تشتد الحاجة إليه، والذي تم إبرازه من خلال منح رخص القيادة للسيدات لأول مرة.
لكن جزءا كبيرا من الإشادة بالأمير كان لوعده بأنه سيكون أكثر ليونة مع (إسرائيل) مقارنة بالموقف السعودي التقليدي، وعلى وجه الخصوص، قيل إن الأمير السعودي يؤيد "صفقة القرن"، التي ناقشها الكثيرون، لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن الأدلة على هذا كانت دائما ضئيلة.
وعلى أي حال، أوضح الملك "سلمان بن عبد العزيز آل سعود" بسرعة أنه لم يكن ليوافق على أي تغيير في المواقف السعودية فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية، وحل الدولتين، وبالأخص وضع القدس الشرقية.
وكان الملك واضحا بأن الأولوية السعودية هي إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، ولا يشمل الإعلان السعودي الأخير عن "كونسورتيوم" من دول البحر الأحمر لتعزيز الأمن في الممرات الملاحية الحيوية (إسرائيل) وليس من المستغرب تراجع الاتصالات السرية بين المملكة و(إسرائيل) منذ اغتيال "خاشقجي"، وفقا لوسائل الإعلام.
وخلف الكواليس، كانت المعارضة لحرب التحالف السعودي في اليمن مستعرة في مجلس الشيوخ، وبقيادة السيناتور "كريس ميرفي"، سعت المعارضة إلى وضع حد لدعم أمريكا للمجهود الحربي السعودي.
وتقول الأمم المتحدة إن 16 مليون يمني معرضون الآن لخطر سوء التغذية، وهي أسوأ كارثة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وهي أيضا مبادرة سياسية بتوقيع "بن سلمان".