لم يعد هاتفك الخلوي مجرد وسيلة مريحة لصلة الرحم عن بعد، وليس جهازك المحمول مكتبة أو ومكتبا متحركا مطيعا..وكذلك فإن كاميرات العائلية ليست وسيلة للإحتفاظ باللحظات الحلوة من العائلة والأطفال..
فقد أصبحت كل هذه الوسائط وبعضها أسياطا وسيوفا قد تسلط على رقبتك وتجذم عرى روابطك العائلية والمهنية والإجتماعية في أية لحظة…
يمكن القول ـ دون جزاف ـ أن المجتمع الموريتاني دخل عالم التقنية والحداثة العولمية معصوب العينين محتفظا بأريحيته وتلقائيته وببراءته البدوية التي لا تعي مخاطر الإعلام والوسائظ الرقمية الجديدة، ولا تلقي بالا للنتائج الكارثية التي قد تحملها إليه هذه الوسائل الخطيرة التي أقبل عليها الناس دون أدنى دراية بعواقبها…..
من هنا فتح الموريتاني بابا واسعا أمام هذه الوسائط ومستخدميها من الهواة ليتجولوا بحرية في أدق تفاصيل حياة الناس وشئونهم وهم ساهمون…ليس هذا فحسب بل ليجد لصوص الشبكة العنكبوتية فرصا ذهبية لابتزاز الناس والتشهير والتعريض بهم واستباحة أعراضهم عن طريق نشر صور فاضحة ومقاطع خليعة ولحظات “خاصة” من حياتهم.
وإذا كانت ظاهرة تسريب الصور والمقاطع الخاصة اقتصرت في السنوات الأولى من عمر الهاتف المحمول على تسريبات “مصلحي الهواتف الخلوية” في سوق نقطة ساخنة الشهير وسط العاصمة فإن الظاهرة أصبحت اليوم أكثر رواجا وانتشار من أي وقت مضى مع إقبال الموريتانيين على شبكات التواصل الإجتماعي ولا سيما ب الوات ساب الذي أصبح ينوب بحق عن مجالس البيظان التقليدية بما فيها من ظرافة وأدب وترفيه ومعرفة، إلا أنه يزيد عليها أشياء أخرى لعل أدهاها وأمرها وأكثرها شناعة ظاهرة انتشار الصور الخاصة والمقاطع الفاضحة لفتيان وفتيات “أرض المنارة والرباط” في مناظر ومظاهر تبعث على التقزز والإشمئزاز وتستدر العطف والرثاء…
ولعل الفئة الأكثر تضررا من هذه الظاهرة هي الفئة الناعمة في المجتمع الموريتاني أو الجنس اللطيف الذي انتقل سريعا من مضارب الخيام إلى صفحات الشبكة العنكبوتية ومن الخدور إلى فضاء الإنترنت الرحب الفسيح
مما أدى بالبعض منهم إلى التفكير في عدم اقتناء الهواتف الذكية بعتبارها أصبحت نقمة أكثر من اعتبارها وسيلة اتصال
القافلة