قوي لكنه معزول.. لا يزال مستحوذا على كافة مقاليد السلطة لكن مستقبله بات غامضا.. فشل داخليا وخارجيا كذلك.. هكذا وصفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، قائلة إن ثلاثية "اغتيال الصحفي جمال خاشقجي"، و"حصار قطر"، و"حرب اليمن" أضعفته.
وعبر لقاءات مع عدد من الشخصيات المقربة من دوائر السلطة في السعودية ودبلوماسيين، كتب "جورج مالبورنو" نقلا عن هؤلاء إن "قضية مقتل خاشقجي أثرت كثيرا على ولي العهد".
أحد المسؤولين السعوديين أشار إلى أن "بن سلمان وعد بالكثير، غير أنه فشل تقريبا في كل شيء، بما في ذلك حربه ضد الحوثيين في اليمن وفي حصاره لقطر. كما أن السعوديين الذين كانوا ينتظرون تقدما في مجال السكن والصحة لم يروا أي نتائج ملموسة على أرض الواقع".
وأضاف المسؤول السعودي الرفيع: "لم يعد رجال الأعمال السعوديون يريدون الاستثمار في بلدهم. أما بالنسبة للشركات الأجنبية فإنها تنتظر وسط تردد كبير. فخلال حرب الخليج الثانية عام 1991 وعلى الرغم من سقوط صواريخ سكود على الرياض، إلاّ أن الأموال السعودية لم تغادر المملكة. لكنه منذ عام، أخرج العديد من السعوديين أموالهم من البلاد، بعد فقدانهم الثقة في بن سلمان’".
ونقلت "لوفيغارو" عن دبلوماسي مقرب من دوائر القرار في المملكة إن "بن سلمان قويٌ ومعزولٌ في نفس الوقت داخل الأسرة الحاكمة، والملك الوالد أخذ بعين الاعتبار هذا المعطى والعداوات الكثيرة ضد ابنه داخل عائلة آل سعود. ومن أجل تهدئة العائلة الحاكمة، قام بتأطير ولي العهد، من خلال منح ضمانات لأخيه الأصغر الأمير أحمد بن عبدالعزيز آل سعود (76عاماً) الذي وافق على العودة إلى السعودية من شبه المنفى في لندن، وتعيين إبراهيم العساف وزيرا للخارجية، ومساعد بن محمد العيبان كمستشار للأمن الوطني؛ بهدف إعادة الثقة في بعض المخضرمين، المقربين من حاشية الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز".
وإضافة لما سبق، تم تقليص صلاحيات ولي العهد، خاصة في الملفين السوري واليمني، اللذين أصبحا تقريبا في عهدة "العبيان"، فيما يركز "بن سلمان" أكثر في الوقت الراهن على القضايا المحلية والاقتصادية والاجتماعية بقرار من والده، التي خلصت الصحيفة إلى أنه سيدعمه حتى النهاية رغم الغموض الذي يكتنف مستقبله.
ولفت دبلوماسي فرنسي آخر إلى ما تسبب فيه سلوك "بن سلمان" من إثارة غضب بعض القبائل التي تمثل عصب الحرس الوطني؛ حيث اعتقل بعض أفرادهم وقلص من امتيازاتهم، مثل قبيلة عتيبة وعنزة وبني عوف والنوان وغامد وبني جيزان وبني هلال.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن المشكلة الرئيسية التي تواجه ولي العهد السعودي هي أن "صورته باتت سيئة في أوروبا وكارثية في الولايات المتحدة"، بعد مقتل الصحفي "خاشقجي" وتقطيع جثته داخل قنصلية المملكة في إسطنبول، 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي تدين العديد من المؤسسات الغربية "بن سلمان" بالتورط فيها.
وربط المسؤول السعودي الرفيع مصير "بن سلمان" بمصير الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، قائلا إنه في حال هزيمة الأخير في انتخابات الرئاسة 2020، فإن الرئيس الأمريكي الجديد سيعارض أن يتولى "بن سلمان" العرش، وهو الرأي الذي يؤكده العديد من الخبراء، حسب الصحيفة.
وتخلص "لوفيغارو" إلى أن عدم الثقة سادت بالفعل داخل العائلة الحاكمة بالمملكة، حتى بات عدم الاستقرار في السعودية يقلق جيرانها -خاصة حليفتها دولة الإمارات- الذين راهنوا على الأمير الشاب، وباتوا اليوم يتساءلون: هل سيصل حليفهم إلى عرش المملكة؟. فإذا اختفى الملك "سلمان" في الأشهر القليلة القادمة، ماذا ستفعل عائلة آل سعود؟ هل سيجتمع "بن سلمان" بهيئة البيعة التي تجاهلها عند ما أزاح ابن عمه الأمير "محمد بن نايف" من ولاية العهد في عام 2015؟ وهل سيتغير "بن سلمان" من أجل البقاء؟
المصدر | الخليج الجديد + متابعات