يعيش الأطفال والمراهقين في زمن التطور الذي يكاد ألا يخلو أي منزل من أي أنواع من وسائل الإعلام، والتي تشمل شاشات التلفاز، والحواسيب، والهواتف الذكية وغيرها، وحسب الدراسات فإن نسبة الأطفال والمراهقين الذين يستخدمون الهواتف الذكية تصل إلى 75%، كما وتصل نسبة الذين يتصلون بشكل مستمر بالشبكة الحاسوبية إلى 25%، بينما تصل نسبة الذين يلجون إلى موقع واحد من مواقع التواصل الاجتماعي إلى 76% مقارنةً بالذين يلجون إلى أكثر من موقع من مواقع التواصل الاجتماعي بحيث تصل نسبتهم إلى 70%.
إنّ مقدرة الطفل أو المراهق على الاتصال بشبكة التواصل الاجتماعي واستخدام الهواتف الذكية يعني مقدرته على مشاهدة ما يتوفر من فيديوهات، وبرامج، وتحميل تطبيقات تفاعلية تسمح له بمشاركة الصور، واللعب، وإجراء اتصالات صوت وصورة، الأمر الذي قد يكون له تأثير سلبي ملموس على الطفل وتصرفاته.
قد تكون شاشات التلفاز من أكثر وسائل الإعلام المنتشرة والمستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين، وقد لا تكون كل البرامج المعروضة سيئةً وذات تأثير سلبي، ولكن المشاهدة المستمرة قد تحرم الطفل من الوقت اللازم للقيام بنشاطات الطفولة الأخرى مثل اللعب، والقراءة، وتعلم الكلام، وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، أو ممارسة الرياضة، أو تطوير المهارات الحركية، والعقلية، والاجتماعية.
تتوفر بعض البرامج التلفزيونية المخصصة للأطفال والمصممة لتكون برامج تثقيفية وتعليمية تفيد الطفل في تعلم العديد من المهارات المختلفة، والأخلاق، وطرق التعامل الصحيحة مع الآخرين، إذ أظهرت دراسات تحسن ملموس في مهارة القراءة والتعلم عند الأطفال الذين يشاهدون مثل هذه البرامج، كما وتتوفر برامج تلفزيونية تثقيفية أخرى تظهر زيارات إلى المتاحف، وحدائق الحيوانات وتقدم الكثير من المعلومات الهامة، ولكن على الرغم من ذلك فقد أظهرت الدراسات أن مشاهدة الطلاب للتلفاز إلى ما يقارب الساعة أو الساعتين يومياً من برامج التلفاز قد يحرمهم من الوقت اللازم للقراءة، والقيام بالواجبات المدرسية، مما يؤثر على أدائهم.
تساهم مشاهدة مقاطع العنف، والقتل، والاغتصاب المتوفرة على شاشات التلفاز في التأثير على تفكير الطفل، فقد أظهرت الدراسات أن مشاهدة الطفل لمثل هذه المقاطع تزيد من عدوانيته وخاصةً عند الأولاد، كما وأظهرت الدراسات ارتفاع خطر الانتحار عند الذين يشاهدون مقاطع حول الانتحار في برامج التلفاز، أو نشرات الأخبار.
قد تكون مجموع الأطفال التالية الأكثر عرضةً للتأثر السلبي من شاشات التلفاز:
الأطفال من الأقليات، والعائلات المهاجرة. الأطفال المضطربون عاطفيا. الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم. الأطفال المعرضون إلى سوء التعامل والمعنفين من الأهل. الأطفال من العائلات التي تعاني من ضائقة ما.
يتعرض الطفل إلى خطر الإصابة بالسمنة والوزن الزائد بسبب الجلوس المستمر أمام شاشات التلفاز، وقلة الحركة، وقلة القيام بالنشاطات الرياضية، كما وتزيد احتمالية رغبته بتناول الأطعمة غير الصحية والغنية بالدهون والسكريات وخاصةً بسبب ارتفاع نسبة الإعلانات التجارية التي تعرض الأطعمة السريعة غير الصحية وخاصةً أثناء عرض برامج الأطفال، إذ تصل نسبة الإعلانات التجارية التي تعرض الوجبات الصحية إلى 4% فقط من مجملها، كما وقد يعاني الطفل من سوء في عادات التغذية عند تناوله للوجبات أمام شاشات التلفاز، وقد تعاني الفتيات من سوء ونقص في التغذية بسبب رؤية أجسام شخصيات البرامج الضئيلة ورغبتهن في أن تصبحن مثلهن.
لا يمكن إنكار الفوائد والإيجابيات التي يقدمها الإنترنت للكبار وحتى للأطفال، ولكنه سلاح ذو حدين إذ يعرض الأطفال للكثير من المشاكل ومن أهمها عدم مقدرته على تنظيم الوقت للقيام بباقي نشاطات يومه، ومن سلبياته أيضاً ما يلي:
الإدمان على الألعاب الإلكترونية، والأفلام، والبرامج الإباحية المتوفرة بالمجان. الإصابة بأعراض صحية مثل السمنة. إضعاف العلاقات الاجتماعية والعائلية؛ بسبب قضاء معظم الوقت على شاشات الحاسوب.
قد لا يدرك الطفل الذي يشاهد برنامجه المفضل الفرق بين مقاطع البرنامج، والإعلان التجاري، وخاصةً إن كان إعلاناً يعرض شخصيته الكرتونية المفضلة، وقد يرغب في الحصول على المنتج المعروض حتى وإن لم يكن بحاجة له، وهنا يأتي دور الأهل في البحث عن حل لهذه المشكلة إما عن طريق إطفاء التلفاز أثناء عرض الإعلان، أو خفض صوته، ويجب في كل الأحوال تثقيف الطفل حول الضروريات والمنتجات التي يمكن الاستغناء عنها.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية