كعادة الناس في بلدي، وبدون معارضتي المشهورة للواقع المرير، أحببت أن أكون بسيطا وربما ساذجا، وابدأ بمعايدة المسؤول الأول بالدولة العراقية قبل عائلتي وأصدقائي.
مجتمعنا يقدر المسؤول كثيرا، ويقف له اجلالا واكبارا ما دامه متسلطا على رأسه، وإن نزل عن عرشه او سقط السيف من يده قسرا او سهوا، سيتحول ذلك المواطن الساذج البسيط الى وحش كاسر، سواءا بالنقد المباشر من لسان ذرب كان معقودا، أو من يد حديدية كانت مغلولة.
اليوم وبعد عشرة أشهر متعبة من زمن الحكومة، تقول الحكومة بأنها أنجزت ما يقارب ٧٩% من برنامجها الحكومي، بينما يتردد صوت المعارضة بأن الرقم مبالغ فيه ونسبة التنفيذ لا تتعدى ٣٨%، اما المواطن فله حكاية أخرى اولها نقص الكهرباء والخدمات وتمارض الصحة ولا تنتهي عند مشاكل الفساد المتزايد والتربية المتراجعة والأوبئة المجتمعية والصحية، والتذمر في ازدياد ومستمر، بعد أن كان لدينا بصيص امل في التغيير المنشود من قبل السيد عادل عبد المهدي.
سيدي الرئيس كان لدينا امل، وكنتُ اول المتفائلين، وسألوم نفسي على ذلك، وسيعاتبني اصدقائي بمرارة على موقفي المتفائل وكتاباتي السابقة، هذا الأمل والتفاؤل فقدته اليوم، كأم فقدت جنديها المجهول فإن عاد إليها فليس سوى جنازة او بالاحرى رفاة عفى عليها الزمن.
سيدي الرئيس كانت الوعود كبيرة، والأموال كثيرة، لكن توزيعها لم يكن عادلا، فهل تعلم أن محافظات الجنوب التي اعطتكم موازنة انفحارية، لازالت بانتظار رحمة مسؤولي وزارة المالية بإطلاق موازناتها؟، وهي الان على صفيح ساخن من التظاهرات والاحتجاجات، فعدالتكم لم تكن موجودة ابدا هذه المرة، وهي اسم لرئيس حكومة وحبر على ورق برنامجها الحكومي.
ما أخل بعدالتكم أن تكتب في يوم ٤ /٩ /٢٠١٢ بأنه "لا حكومة ناجحة دون معارضة ناجحة"، ثم تعيدها عام ٢٠١٧ وتقول بأن "المعارضة ضرورة ويجب حمايتها، او تحفيزها، ان كانت غائبة"، ثم تتقلب على كل ذلك وتنفي وجود المعارضة التي تأسست لتوها وتنعتها بغير الراشدة، وهي لم تبدأ بعد، ومريدوها تربيت معهم شابا صغيرا الى ان أصبحت رجلا راشدا.
ليس من الرشد ابدا يا ابن الأكارم أن يعيش المسؤول بعيدا عن شعبه، وأقصد هنا مشاكله واحتياحاته، وليس من الرشد ابدا ان تبقى متفرجا على الفاسدين، كسلفك صاحب اليد الحديدة، فما ايامك إلا عدد والتاريخ مواقف يا ابن العطشان.
سيدي الرئيس اصحاب مذهب الرأسمالية توصلوا في مصارفهم الى نظرية الفائدة الصفرية، ومنهم من تعداها الى السلبية لغرض تنمية مجتمعاتهم، ومصارفنا تجتر الربا بجشع يهود القرون الوسطى دون وازع او ضمير.
سيدي الرئيس انت صاحب نظرية توزيع الثروة على الشعب، وتعرف جيدا بأن امير المؤمنين سلام الله عليه احرق يد أخيه عقيل لأنه طالب بما يعتقد أنه حق له، مجرد مطالبة، وانت اليوم تطلق رواتب المقربين والبطانة لأنهم طالبوا بها من دون الرعية، وتعلم أنها باطل، فمن مع الرعية اذا كان الراعي يرعى مصالحه ومصالح بطانته المنتفخة.
بعد خطبة الجمعة الأخيرة اود أن اقول كل عام وشعبي العظيم وانت منهم بالف خير، واعلم أن ما قلته سابقا سيتحقق وهو أن الحكومة مفتولة العضلات ستنهار بانتصار الشعب والمعارضة، فكيف بحكومتك الضعيفة والمسالمة..!
باقر العراقي