تشير الدراسات العلمية إلى أنَّ حدوثَ التسمم الغذائي مرتهن بفاعلية مجموعة عوامل، لعلَّ من أهمها تلوث الأيدي أو الملابس للعاملين فِي المطابخ أو تعرض أدوات المطبخ أو أسطح تحضير الطعام المستخدمة لتجهيز اللحوم والدواجن والأسماك إلى حالات تلوث، بالإضافة إلى عوامل أخرى من بينها وجود ناقل للجراثيم الممرضة في الأطعمة والأشربة أو حملها من العمالة أو الحيوانات الموجودة بمحيط العمل أو المعيشة. ويضاف إلى ذلك أنَّ بقاءَ الطعام مكشوفاً في جوّ الغرفة العادي لفترةٍ من الزمن، من شأنه المساهمة في جعله مهيأ لنمو الجراثيم الممرضة، مع العرض أنَّ توفرَ أحد العوامل المذكورة آنفاً بوسعه إحداث حالة تسمم غذائي.
يشارُ إلى مجموعة الأعراض الناجمة عن تناول طعام أو شراب ملوثٍ بالبكتريا، الفيروسات، الجراثيم، الطفيليات والمواد الكيماوية السامة باسم التسمم الغذائي. وقد أظهرت الدراسات العلمية أنَّ التسممَ الغذائي، والَّذِي يُعَدّ من الأمراض المتفشية عند ظهور أعراضه فِي أكثرِ من شخصين، تعود مسببات ( 80 % ) من حالاته إلى وجود البكتريا فِي الأطعمة والأشربة الّتي يتناولها الإنسان.
يمكن القول إنَّ الإصابةَ بحالات التسمم الغذائي تحدث غالبا بعد تناول وجبات طعام ملوثة كاللحوم، البيض، الأسماك الفاسدة وغيرها، ولعلَّ ما يعزز من احتمالية إصابة الفرد بالتسمم الغذائي هو ظهور الأعراض التقليدية للإصابة به بعد ساعات قليلة من تناول وجبة طعام ملوثة، وتتمثل تلك الأعراض في الشعور بالغثيان، القيء، الإسهال وتقلصات البطن. وفي السياق التقليدي المتبع في عملية علاج التسمم الغذائي، ينصح أصحاب الاختصاص المصابين تناول كميات كبيرة من السوائل - الماء والشاي الأسود ومختلف أنواع الأعشاب الساخنة - من أجل تعويض ما يفقده الجسم من سوائل وأملاح، إلى جانب تناول بعض الأطعمة في هذه المرحلة كالتفاح والموز. ويضاف إلى ذلك ضرورة تقيد المصاب بالتعليمات الصحية التي تخفف من شدة فعالية الآثار التي يحدثها التسمم.
لعلَّ ما تجدر الإشارة إليه هو أنَّ استمرارَ الأعراض لمدة ثلاثة أيام تُعَدُّ من الحالات المهمة التي توجب عرض الشخص المصاب على الطبيب. كذلك ينبغي الانتباه إلى أنَّ ظهورَ أعراض أخرى مثل الحمى والدم في البراز قد تشير إلى مشكلةٍ أخرى تفوق في خطورتها حالة الإصابة بالتسمم الغذائي. ومن الضروري أيضاً توخي الحذر الشديد عند التعامل مع أعراض التسمم الغذائي التي يتعرض لها الأطفال، الحوامل وكبار السن؛ لأنَّ تدهور الحالة الصحية عند هؤلاء الأشخاص يمتاز بكونه أكثر سرعة، ما يعني خطورته الشديدة.
من المهم حرص العاملين في المطابخ على اتباع بعض الإرشادات الصحية البسيطة، والتي بوسعها المساهمة في الوقاية من الإصابة بالتسمم الغذائي وتجنب ما يترتب عليه من مساوئ، والتي من جملتها الامتناع عن تقطيع اللحوم والأسماك على لوحة تقطيع الخضروات، إلى جانب التقيد التام بغسل اليدين بشكلٍ جيد قبل المباشرة بإعداد الطعام. كذلك يشدد المتخصصين على ضرورة قلي اللحوم والأسماك لفترة كافية قبل الشروع بعملية الطهي؛ بغية ضمان قتل الجراثيم المحتمل وجودها.
فِي أمان الله.
لطيف عبد سالم