كعادتها القديمة تبدو الوجوه الرخيصة تطابق وترادف نظيرتها الخبيثة التي تتحد هي الأخرى في "شخصية واحدة" ممثلة في مجموعة من "السمات والصفات"تجتمع معا في صفة واحدة مشكلة بذلك خليطا من السلوك المتجانس بنفس درجة إنسجام"الذئب مع شبيهه الكلب"،حيث تتلاءم"الهيئة والشخصية"ويتلاءم"المكروالنفاق"الذي يتعدد ويتنوع بقدر تنوعه في المجتمع الموريتاني الأقرب إلى"قطيع غنم"ضالة لتبرز بذلك كلاب منافقة لذئاب ماكرة في صور"آدمية"، كنوع من الآفات الإجتماعية،مكونة بذلك شخصية رائجة تعرف بظاهرة،"النفاق الإجتماعي" .
فكيف إذن تنشأ الشخصية المنافقة في المجتمع الموريتاني ؟
إن لهذه الشخصية عوامل ومسببات تسهم في تكوينها ونموها ، تبدأ منذ التربية الأولى في أحضان الأسرة ، إذ أن المجتمع الموريتاني عادة ما يقوم بإعتراض الأفكار المستنيرة التي لها ابعاد مستقبلية لم يستطيع فهمها في الوقت الراهن نظرا لأميته وضيق نظره القصير، الأمر الذي ينعكس بصفة مباشرة على تصرفات أي فرد نحو الآخرين ، فعندما يعبر أي فرد عن عدم ارتياحه لشخص ما أو لموقف ما ، فإن المجتمع يؤنبه وقد يعاقبه ، فيغير الفرد من سلوكه إرضاءا للأسرة التي هي جزء من مجتمع معين وخوفا من أن تفقد تلك الأسرة التي ينتمي لها الفرد مجتمعها المنتمية إليه ،وإنطلاقا من هذا السلوك يبدأ الفرد تدريجيا بتبني مواقف غير مواقفه وآراء لا تمثل أفكاره .. نزولا لرغبة أشخاص آخرين ، ولعل هذه الصفة تبدأ من التمكن من سلوكه لتصبح نمطا متمازجا في أسلوب حياته المبني على النفاق والتملق وكل أوصاف الخيانة .
فإذا ما أمتدح شخص ما أمامه ، ذمّه من خلفه ، وهذا التناقض في الرأي هو نفاق ، يؤثر سلبيا على أفكار الشخص نفسه قبل تأثيره على الآخرين ، فتبدأ شخصية المنافق بالتحول من شخص متزن مدرك ومسؤول عن أقواله وأفعاله إلى شخص يرتاب بالآخرين ويكون الشك دائما نبراسا في تعامله مع الأفراد المختلفين ، فينشأ شخصا مريضا مدمنا على هذا النمط المريض الذي تصعب معالجته في مراحل متقدمة .
فلطالما عانت هذه الأغنام من رعاتها ''كلاب النفاق'' الذين غالبا ما يضللونها عن قصد بهدف إصطيادها لنظرائهم ''الذئاب'' فينهشوها بشراسة ،فكلاب النفاق هذه التي تتمثل في السياسين والإعلاميين والشيوخ التقليديين الذين قد تجاوز التاريخ أهميتهم ، هم من قادوا"مجتمع الغنم"بإتجاه قطع الرقاب ليتقذوا على ماتبقى من أشلائها وليبرهنوا فعلا أنهم مجرد ''كلاب ماهرة'' تستخدمها ''ذئاب ماكرة'' في الحصول على غنائمها .
هذا هو حالنا فللأسف تنطبق نفس الفكرة على هذا المجتمع الجبان الذي تنتزع منه كل حقوقه عبر"كلاب منافقة" ،خائنة ، متغطرسة "تبسبس"وراء كل الذئاب المهيمنة على هرم السلطة .
وتشرع لهم كل شيئ فيتذبذبون في الرؤى التي تطبعها الضبابية بشكل قاطع وملموس ، حسب الموقف الذي يجدون فيه أنفسهم وحسب الحاجة،وبالشكل الذي يخدم مصالحهم الذاتية قبل المصلحة العامة،فيحدث لهم إضطراب في السلوك،لأنهم لا يملكون إدراكا مستقر نحو الأشياء، ويصبح تفكيرهم مختلا ومنحصرا في كيفية ترتيب تعاملهم ، مما ينعكس سلبا على تصرفاتهم وشخصياتهم .
إن هؤلاء المنافقين قد وجدوا بيئة صالحة لنمو النفاق الذي قد أصبح ظاهرة إجتماعية ، متفشية في المجتمع الموريتاني لأسباب إجتماعية وثقافية سائدة أصبحت تنخر في النسيج المكون للمجتمع، مما أدى إلى فقدان إنسانية المجتمع ليتحول ،إلى قطعان متنوعة ألفة تساق بالإشارة وحيث يراد لها من طرف كلابها المخضرمين .
هذا هو حالنا نكتبه بواقعية مجردة وبشهادة حية من الواقع المعاش نزولا عند رغبة الإستثنائيين الذين سيخلقون سائدهم المغاير للسائد مع أنهم سيتهمون بالجنون وعدم المسؤولية وسيعزلون من قبل المجتمع ولكنهم في النهاية على حق .
لبات ولد الفاظل