مما لا شك فيه أن كل متتبع للحقل السياسي المغربي يرى التشوهات التي أصابت الممارسة السياسية ودلك راجع لظهور ثقافة جديدة ألا وهي ثقافة النفاق السياسي والتي تؤدي لا محال إلى تنامي ظاهرة العزوف السياسي لدى الشعب المغربي وكدا فقدانه الثقة في الأحزاب والمكونات السياسية.
فرغم صدور القانون 36,04 المتعلق بالأحزاب السياسية والدي كان إصداره بمثابة خطوة جزئية من أجل تنظيم الممارسة السياسية بالمغرب، إلا أنه ظل دون تطبيق من طرف معظم الأحزاب السياسية واكتفت هده الأخيرة بالإجراءات الشكلية المنصوص عليها في مجال التأسيس حتى لا تتعرض للحل من طرف وزارة الداخلية وتتسلم وصولها القانونية دون تغييرات جذرية حقيقية.
فمن جهة هناك أحزاب سياسية تعمل على تحقيق أهدافا إستراتيجية واضحة المعالم وترفع شعارات تخليق الممارسة السياسية وتتبنى خطابات صريحة وموضوعية هدا ما يجعلها تتوفر على قاعدة جماهيرية مقتنعة بفكرتها ومشروعها.
وفي الجهة الأخرى، هناك أحزاب سياسية تسعى جاهدة لحشد الناس وراء سياساتها ولا يهمها إن كان تأييد الناس لها بالاقتناع أو بالرياء أو بالخوف أو كان تأييدهم مقرون بما يسمى بالقبلية – العائلية- أو المحسوبية.
فحسب وجهة نظري الشخصية هده الأحزاب السياسية هي المسئول الأكبر عن ثقافة النفاق السياسي السائد في المجتمع،هده الأحزاب لا ترى في الفئات السياسية والجمعوية النقية والنظيفة إلا خطرا عليها، فتسعى جاهدة لإقصائها عن مواقع التأثير في الحياة العامة، وعرقلة عملها إن كانت في مواقع المسئولية والحكم، لأنها وحسب نظرها معادية لممارستها وسلوكياتها، التي تأبى إلا أن تكون هي الصحيحة والمقدسة.
هده الأحزاب السياسية تقودها السياسية تقودها فئة من السياسيين والمثقفين يتصفون بالجبن والكذب فهم لا يملكون الجرأة للاعتراف بممارستهم السياسية الخاطئة ومعارضتهم للحق والصواب بشتى الطرق وأبرزها تجنيد أصحاب الأقلام الانتهازية المنافقة والمأجورة لكتابة مقالات تقطر نفاقا وكذبا وتزييفا للحقيقة.
وبالرغم من أن المواطن يتحمل جزءا كبيرا من استمرار ثقافة النفاق السياسي وجب محاربتها لأنها ثقافة تدميرية تمس المجتمع في الصميم إذ تأتي من فئات يفرض فيها أن تكون إلى جانب المجتمع لا عالة عليه، و إذ كان هناك من تبرير لأي حزب سياسي في سعيه لحشد المناصرين والمؤيدين.
فنحن كشعب مغربي غيور على وطنه وجب علينا أن نطمح بثقافة الصدق والالتزام بالأخلاق والمبادئ لا بثقافة الأنانية وتقديم المصلحة الفردية على حساب مصلحة الشعب، وفي الختام أقول :صناعة الحياة على الأرض، تتطلب جهدا وعناء أكثر من اللهث وراء المواقع على حساب معاناة الناس وشقائهم وعلى حساب الأوطان وسبل تقدمها
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.