(لو كان الفقر رجلا لقتلته) عن الأمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لا يمكن أن نلغي الفقر من معادلة الكرامة الإنسانية، فطالما ارتبطت الحياة الكريمة بالقدرة على الأنفاق على المأكل والمشرب والملبس على أقل تقدير، لذا نرى أن معظم الدول المتقدمة تضع خططها الاقتصادية والاجتماعية لدعم الطبقة الفقيرة ورفع مستوى معيشتها فوق خط الفقر (هو المستوى الأدنى من الدخل الذي يحتاجه الفرد ليتمكن من توفير مستوى معيشة في بلد ما).
لذا كانت السلة الغذائية هي المنقذ من الكثير من المجاعات والثورات التي رافقت الكوارث التي حلت على الكثير من الشعوب كالثورة الفرنسية (ثورة الجياع)، المجاعات اتي حلت في البلاد العربية من مجاعة الشام 1915 إذ يعتقد أن في مدينة حلب لوحدها توفي ما بين 60 إلى 80 ألف شخص الى مجاعة السودان 1998 بسبب نتائج الحرب الأهلية السودانية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأشخاص، مرورا بمجاعة المغرب "عام البون" 1944 التي انتهت بوفاة ما لا يقل عن (50) ألف شخص.
وخير مثال على ذلك خطة الإنقاذ (مارشال)، التي وضعت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لانتشال أوربا وألمانيا من كارثة المجاعة التي حلت بوادرها بسبب تلك الحرب.
ويمكن ان تقسم الأسباب المؤدية لهذه الكوارث الى، بيئية كالجفاف والزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها، وأسباب بشرية كالحروب وسوء الحكم أو الإدارة أو سوء التقديرات الاقتصادية...
ولا ننسى جائحة فايروس كورونا وأثرها على نمط حياة الكوكب، أذ تعدى تأثيرها بلاد أو قارة معينة بل تعدى ليشمل كافة سكان الكرة الأرضية، وأثره المباشر على العمل والاقتصاد وحركة السوق، بسبب الحضر المفروض على السكان وقوانين التباعد الاجتماعي، حتى فقدت العملة قيمتها مقابل الأدوية والمواد الغذائية في بعض البلدان لولا قيام حكوماتها باتخاذ إجراءات فورية تضمن وصول السلال الغذائية والدواء، للأماكن للمصابين بالداء اللعين، وصرف الكثير من المستحقات المالية وأسقاط الديون للتعويض عن هذه الإجراءات.
نصل في ترحالنا خلال هذا الموجز الى العراق، فبعد الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق في فترة التسعينيات بسبب الحروب التي شنها النظام المقبور، كانت لقرارات الأمم المتحدة الأثر الأكبر في توزيع السلة الغذائية على العراقيين لانتشاله من الواقع الاقتصادي المرير والذي أثر وبشكل كبير جدا على الحياة الاجتماعية العراقية وبشكل واضح أدى ارتفاع عدد السكان تحت خط الفقر وهجرة العقول والكفاءات الوطنية العراقية الى الخارج، من أجل العمل والخروج من الواقع المزرى أذبان تلك الفترة وما تلتها.
كل هذه المؤشرات أدت الى وجوب دعم السلة الغذائية للسيطرة على مستويات المعيشة في العراق ودعم الطبقة الفقيرة فيه، وتأثره بجائحة فايروس كورونا والإجراءات التي اتخذت من أجل السيطرة على تلك الجائحة.
فكان لابد من عدد من القرارات التي يجب اتخاذها ومنها حجب السلة الغذائية على من يتجاوز دخله الشهري على مليون ونصف المليون دينار عراقي، وتعاون عدد من الوزارات كالمالية، ودعم من وزارة النفط بالإضافة الى وزارة التجارة الراعي الأساس لهذه العملية من أجل تكامل هذه العملية الهائلة.
ل أيصال السلة الغذائية الى من يحتاجها، والمحافظة على كرامة الشعب العراقي وتجاوز الإخفاقات السابقة التي رافقت تلك العملية، هل أدركتم مدى أهميتها؟
...دمتم.
بقلم - أحمد الحربي جواد- كاتب وصحفي