عندما يكون الإنسان ثورياً, عليه أن يتحلى بالخلق والتصرف الإنساني, ويكون من أولى اهتماماته, بمن لا يملكون سلطة.
نتناول هنا شخصية قل نضيرها, في التأريخ المعاصر للعراق, حيث التظاهر بالوطنية, والثورية ضد الظلمة والطغاة والفاسدين والمجرمين, الذين لا يمتلكون مفاتيح العمل السياسي, من أجل بلوغ المشروع الحقيقي, للتغيير نحو سيادة العدالة الاجتماعية, لفقدان الأدوات الفاعلة, من أجل بلوغ الهدف.
السيد الشهيد محمد باقر الحكيم, ذلك الإنسان العالم, والسياسي الفريد في رؤيته الثورية, ألتي فاقت الصبر على ظلم الطغيان, وإجرام جلاوزته الذي تجاوز كل حدود الإجرام؛ ليكون مؤهلاً لقيادة ثورية حقيقية, أرعبت طاغية عصره صدام, والأجهزة الأمنية المحملة, أقصى حدود الحقد, على الشعب العراقي, الذي يعارض فاشية النظام ألبعثي, لتعديه على كل القيم والأخلاق والحرمات الإنسانية, فأنتج الدمار للعراق, من خلال استهدافه للعلم والعلماء, وعوائلهم دون تفريق, بين الرجل والمرأة والطفل, وغير مبالٍ بعدد الضحايا, مهما كانت مكانتهم وصفاتهم.
ألتغيير لم يكن حسب رأي, السيد الشهيد محمد باقر الحكيم, مجرد تغيير حاكم واستلام السلطة, فإنه يقف في مشروعه, بل وضع المبادئ الأساسية, لما بعد تغيير النظام, ملخصاً بالنقاط التالية" المبدأ الأول: يؤكد على السيادة، إذن لابد من وجود عمل جاد ليكون العراق حراً مستقلاً, المبدأ الثاني: السرعة في إنهاء الاحتلال, المبدأ الثالث: مساعدة العراقيين على تشكيل الإدارة العراقية، العراقيون هم الذين يشكلون, الإدارة العراقية المؤقتة, وعلى قوات التحالف أن تساعدهم على ذلك؛ وهذا ما ينص عليه قرار مجلس الأمن ,المبدأ الرابع: اتخاذ الإجراءات العملية والسريعة, لإجراء انتخابات عادلة، يُنتخب فيها مجلس دستوري يدون الدستور، ثم بعد ذلك تجري انتخابات."
بعد سقوط نظام الطاغية صدام, سارت الأوضاع حسب ما تم التخطيط له, إلا أن ذلك لم يرق للمحتل, والقوى الظلامية فسعت لتصفيته, لينحرف مسار التغيير, وإصلاح شأن العراق السياسي, للحيلولة دون استقلال القرار العراقي, لينفذوا جريمتهم الشنعاء, التي هزت ضمائر ووجدان الشعب العراقي, بكل أطيافة ومكوناته, لبشاعة تلك الجريمة المُفجعة, التي تم تنفيذها يوم الجمعة, في أطهر مكان قرب مرقد جده, أمير المؤمنين علي عليه وآله الصلاة والسلام؛ بعد أن غادر الصحن الشريف, ليرتقي شهيداً مُقَطَعَ الأوصال, ليتحول العراق من السلطة الطاغوتية, الى تسلط الجبروت العالمي.
عَبَّرَ البطريك الماروني, مار نصر الله بطرس, عن تلك الجريمة بقوله "إنّ إغتيال السيد باقر الحكيم, تغييب للعراق ودوره الحواري المحب للحضارة. ألم يقل علي(عليه السلام) إن أعظم الخيانات خيانة الأُمة؟ سلام عليكم يا حُراس كربلاء والجنوب والقدس حراس الوديعة والجوهرة المقدسة" البطريك الماروني مار نصر الله بطرس.
لم يكن حادث الاغتيال ذاك, مجرد عملية إجرامية عابرة, بل تعتبر الركيزة, لتمزيق النسيج العراقي, فبدأ حقبة الانقسام, وتستمر بالتوسع, ليومنا هذا, ليصل الحال لتقسيم مكون الأغلبية, ومحاولة القضاء عليه, بعد أن وضعت العصي المتسلقة, لتنفيذ مشروع بناء دولة العراق الحديث.
" أتطلع بشغف للتغيير الإيجابي, الذي ستصنعه في مجتمعك, ليس هناك حدود لما يمكنك إنجازه, والمستقبل أمامك مشرق والتحدي كبير". براين تريسي/ متحدث تحفيزي ومؤلف تطوير ذاتي أميركي من أصل كندي.
هل يمتلك العراق حكماءَ في التحفيز, لاستعادة مشروع الحكيم, كي يرى شعب العراق, إشراقة المستقبل؟ وهل من الممكن أن يفهم شعب العراق فَهمَ معنى الأمل, وعدم الخمول عن التغيير؟
سلام محمد العبودي