الشباب والهجرة

اثنين, 02/14/2022 - 20:32

الشباب هي المرحلة العمرية التي يكون فيها الانسان في ذروة القوة والحيوية والنشاط حيث تتبلور الشخصية وتنضج معالمها من خلال ما يكتسبهُ من مهارات ومعارف تؤدي الى النضوج العقلي والجسماني ونجاح العلاقات الاجتماعية التي يستطيع من خلالها صياغة اختيارهُ الحر ويتطلع الى مُستقبل أفضل لكي يعيش حياته . وتعرف الأمم المتحدة الشباب : على انهم الاشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين 15-24 عاماً . ووفقاً للتقرير العالمي لعام 2018 هناك 1.2 مليار شاب وشابَّة . الأمر الذي يمثل 16 في المائة من عدد سكان العالم وقد يختلف مفهوم العمر بين بلد وآخر . أي ان مفهوم الشباب يمثل غالباً فئة غير مُستقرة ومُتغيرة باستمرار .

اليوم انا أخص شباب العراق الذين يُواجهون مُشكلات وتحديات اقتصادية وخاصة البطالة ونقص فرص العمل بسبب الظروف التي يعيشونها من عدم الاستقرار ألامني والسياسي وهذا الامر ينعكس بشكل سلبي على نفوسهم وهي احدى اهم الاسباب الرئيسية للهجرة التي تكون اغلبها دون تخطيط مُسبق فهو يلجأ الى طرق غير شرعية للوصول إلى الغرب ولا يعرف مصيره . هل يصل الى بر الامان ام يبتلعه البحر وخاصةً هؤلاء الذين يرغبون بالوصول الى بريطانيا حيث يبيع كل ما يملك واحياناً يقترض ويقول عندما اصل سوف اعمل ثم اسدد الديون . وهناك قسما منهم قد تكون امكانيتهم المالية جيدة لكنهُ ينجر وراء مُغريات الغرب من حرية وانفتاح وهنا تبدأ مُعاناتهم حيث يُقدم طلب اللجوء وغالباً مايرفض ويبقى مصيره مجهول لسنوات عديدة وانا اعرف الكثير منهم واراهم عندما اتجول في احدى الاسواق الشعبية في لندن وغالبية اصحاب هذه البسطيات والعمال هم عراقيون بدون اوراق رسمية يعملون عندهم (اكراد وعرب)  ... تكلمت مع احدهم فقد شعرت بان وضعه مرتبك وكان عصبي المزاج لا يطيق حتى نفسه وقلت له : هل تسمح لي ان اسألك ؟ قال : نعم تفضلي . سالته هل انت اليوم مزعوج من شيء في السوق ؟ فاجاب : كلا الموضوع مرتبط بقضية اللجوء ودار بيننا حديث بخصوص وضعه فسألته منذ متى انت هنا ؟ وهل عندك اقامة ؟ فأجاب : انا هنا منذ اكثر من خمسة عشر عاماً ولم احصل على اللجوء وهناك آخرين جاءوا بعدي واستقرت حياتهم وانا غير محظوظ لا في بلدي ولا في غربتي . فقلت له ماذا تنتظر بعد هذه السنين وعمرك ألآن 32 سنة . قال قبل ثلاث سنوات قدمت طلبت العودة الى العراق عن طريق دائرة الهجرة لان عدم الاستقرار اثر على صحتي النفسية . هذا الشاب كردي من سكنة محافظة إربيل .  وقال : قامت الدولة هنا بأرسالي مع مجموعة اخرى من الشباب الى بغداد بطائرة لكن الحكومة هناك لم تستلمنا فلا توجد عندنا اوراق ثبوتية وفي نفس اليوم نقلتنا الى إربيل وهناك ايضاً حكومة الإقليم لم تقبل باستلامنا فرجعنا الى هنا ومصيري مجهول لحد الان والقانون هنا لايسمح لي بالعمل او الزواج او الدراسة وحدثني عن شقيقه الاصغر منه سناً الذي وصل هنا وبعد سنتين اخذ الاقامة وتزوج والان يدرس في احدى المعاهد وهناك الكثير من أمثاله سواء كانوا في بريطانيا او دول الإتحاد الأوروبي فهم يمكثون سنوات دون حصولهم على إقامات ومُستقبلهم مجهول وهنا اوجه سؤالي للحكومة العراقية وحكومة الأقليم . الى متى يبقى الشاب يعرض حياته ومصيره للمجهول ؟

اليس المفروض التركيز والاهتمام بمُؤهلات الشباب وتحفيزهم والقضاء على المحسوبية وتحقيق العدالة والمساواة وتوفير فرص العمل لهم لانهم الشريحة التي تبنى عليهم الأوطان لقدرتهم على الابداع لاحداث تغيير لأنفسهم ولمجتمعاتهم  .  

 بقلم سرگول الجاف

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف