مما لاشك فيه أن ملفي البطالة والعاطلين عن العمل من الملفات التي تؤرق الفعاليات السياسية والاجتماعية كافة على الصعيدين الوطني والإقليمي، فالمواطن المغربي لا يمكن أن يواكب الخطط الإصلاحية إذا لم يستطع أن يؤمّن لعائلته لقمة العيش.
وهذا ما أدى إلى حوادث التسعينات إذ كانت البطالة احد الأسباب الرئيسية لهذه الحوادث، وإن لم ينظر في هذا الملف بعين الجدية والاعتبار فإنها ستكون بمثابة قنبلة موقوتة تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لهذا البلد الحبيب.
فعلى الصعيد الاجتماعي تؤدي البطالة إلى الجهل والتخلف والتفكك الأسري وزيادة معدلات الجريمة وانتشار الفساد الاجتماعي والانحراف السلوكي في المجتمع، إضافة إلى موت الطاقات الشبابية وإخماد روح الإبداع الفكري والعلمي وترسيخ فكرة عدم جدوى التحصيل العلمي، ما يترتب عليه تسرب الشباب من المدارس.
أما على الصعيد الاقتصادي فإن البطالة تعمل على تأسيس الطبقية الخطيرة في المجتمع، طبقة ثرية إلى حد الثراء الفاحش وأخرى فقيرة معدمة تعيش تحت خط الفقر، ما يؤثر بسلبية على القوة الشرائية وحركة السوق، ولا تنحصر مشكلة البطالة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية بل تتعدى ذلك إلى وقوع دول بالكامل في اسر القوى الغنية سواء كانت هذه القوى أفرادا أو مجموعات أو دولا، إذ تخضع سوق العمالة للاحتكار من قبل هذه القوى لأسباب سياسية.
الدور التربوي للمدرس
إن مشكلة الخريجين والمدرسين العاطلين عن العمل تمس شريحة من مجتمعنا لها دور قيادي وريادي في تربية الأجيال وصوغ مستقبل الدولة، فالمدرس مربٍ قبل أن يكون معلما ووجود أعداد عاطلة عن أداء أدوارها لهو إهدار لطاقات المجتمع وموارده ونحن نعلم أن الموارد البشرية هي الثروة الحقيقية لأية دولة يجب عليها أن تسعى إلى تنميتها والمحافظة عليها.
دور مؤسسات المجتمع المدني
كوننا نعيش فترة انفراج نسبية وحرية لا بأس بها، فإن ذلك شجع الكثير من الطاقات في المجتمع على العمل على حضورها في الساحة ككيانات رسمية ذات صفات قانونية وذات خصوصيات مميزة وأدوار فعالة وأيضا كقوة رقابية لا يستهان بها على الأجهزة التنفيذية والتشريعية في الدولة.
إن دور مؤسسات المجتمع المدني المختلفة ذات خاصية لا يمكن لأية مؤسسات أخرى القيام بها، فهي تعايش الواقع، وهي قريبة من الساحة الشعبية لتتحسس نبض الشارع وتتلمس احتياجاته والمشكلات الموجودة فيه.
وتتخذ من عامل تسليط الضوء على المشكلات بعد دراستها ومعرفة حجمها كوسيلة لطرح هذه المشكلات بقوة وبالتالي دفع الجهات المختصة إلى محاولة إيجاد الحلول لها وبل في كثير من الأحيان تساهم بوضع مقترحات وآليات مختلفة لحل الكثير منها إلى جانب تنفيذ بعض هذه المقترحات.
السؤال كيف تستطيع مؤسسات المجتمع المدني وبالتحديد الجمعيات النسائية المساهمة في وضع استراتيجيات وآليات عمل لمكافحة البطالة؟
إن التحدي الحقيقي هو وضع استراتيجيات عملية وواقعية وفعالة لحل هذه المشكلة:
المساهمة في إجراء مسح ميداني شامل لمعرفة حجم المشكلة ورصدها وعمل إحصاءات دقيقة وموثقة.
المساهمة في دراسة احتياجات سوق العمل.
القيام بالجانب التوعوي والتثقيفي للطالبات والطلبة في المدارس والجامعات لتعريفهم باحتياجات سوق العمل الفعلية ومحاولة توجيههم للتخصصات المطلوبة.
المساهمة في وضع خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
المساهمة في خلق حلقات وصل بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص لدراسة الشواغر الوظيفية والتخصصات المطلوبة.
المساهمة في تأهيل العاطلين بالتعاون مع المؤسسات المختصة.
وأخيرا مهما كانت أسباب البطالة فإن آثارها تبدو خطيرة خصوصا كانت تمتد على فترات طويلة، إذ انه كلما طالت فترة البطالة صعب على الإنسان أن يعثر على عمل نظرا إلى خسارته بعض المهارات والى الضرر المعنوي
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.