كان لابد ان اتحدث عن رجل احببت اغانيه في صباي يوم كان الهوى يداعب مشاعرنا والشياطين تعزف لنا الحانه حيثما ندور او نمشي او نغور او ندخل في الحارة والثغور . الرجل الذي كان أول من فتح له طريق مشروعه الفني هو رئيس الوزراء نوري السعيد عندما توسم فيه الموهبه قرر ان ينقل خدماته من الكلية العسكرية التي كان مدرباً فيها إلى موسيقى الجيش لكن الميجور البريطاني ( سي نيل) الخبير الذي تولى مسؤولية تدريب جوق الموسيقى العسكرية ( المقر العام في بغداد ) آنذاك اعتذر عن ضمه إلى الفرقة لأنه وجد فتحة بين أسنانه الأمامية . لكن (نوري سعيد) لم يخيب ظنه فاقترح عليه التقاعد برتبة أعلى حتى يتفرغ لفنه الراقي لان الجيش يتطلب القسوة والخشونة أما أوتار العود فأنها تحرك شرايين القلب وتسحر الناس .
فرح الفنان من كل قلبه بقرار الباشا والذي كان عازفاً هو الآخر وهذا القرار سوف يغير مجرى حياته والى الابد لأنه سيتفرغ لإبداعه وموهبته وحينها بدأت أوتار عوده تصنع الألحان لزهور حسين ووحيدة خليل وغادة سالم ولميعة توفيق ولعدد من المطربين والمطربات الآخرين العراقيين منهم والعرب . والغريب انه اشتهر باغنية روح الشهيد " الذي ضحكتِ انت عليه " وعندما توجه الجيش العراقي الى فلسطين عام 1948 للقتال شكل فرقة للترفيه عن المقاتلين وباشراف الضابط المتقاعد منير الذويب حيث كتب له اول اغنية وطنية تذاع عنوانها
" روح الشهيد "
كان مطلعها :
انا لم ازل حيا اشارككم فما هذي الدموع
وعلام هذا الحزن قد ضمت سادرة الضلوع
لم السواد؟! لم البخور لم الدموع لم الشموع
انا مثلكم لاينثني عزمي فيطويني الخنوع
كانت تغنى في سوح المعارك ولكن وانا ارى ضحكاتك يا بنت المطرب العوّاد عن الذين حموا بغداد قررت ان اكون " آني اللي أريد أحجي " وتذكرت لهيب الشمس في قاطع البصرة وقرصات الجليد على قمم الجبال وانين الامهات ودموع الاباء . وعريف جاسم ورئيس عرفاء غازي ون . ض هادي . من ف 1 . ل ق خ 31 . والضباط ياسين دلي وصباح صبري جواد وعلي العربيد وسعدي شامل وشاكر محمود المنهل وحمد حمود التكريتي وفنر الذي اصر على قيادة المعركة والفوج حتى بعد بتر قدميه . تذكرت كيف كانوا يقاتلون وماذا فعلوا من القصص التي اخشى روايتها خوفا ان انعت بالكذاب فحتى انا حين اعيد التفكير فيها لا اصدق ما رأيت .
تذكرت كيف جفلت من حرارة بنطالي في البصرة يوما حين لسعني عندما وضعت زندي عليه وانا داخل الناقلة التي كانت تقلني الى حيث الموت بالجملة " يم عيون حراكه " كانوا يموتون دفاعا عن بلد يحتضن ترابه كل ارثنا وتاريخنا وعوائلنا واعراضنا . كانوا يدافعون عن ديننا الذي استباحه وشوه صورته اولاد العاهرات الذين تدافعين عنهم وللاسف كانوا يدافعوا عنك ولكن " عليمن يا كَلب تعتب عليمن " كنت ارى المقاتلين من زلفات الناقلة وجوههم يغلفها التراب الذي كان يشبه خيوط الذهب الذي يطرز جباه العزة والكبرياء . ولهذا كنت " بسكوت اون بسكوت " ... لاول مرة في حياتي رايت جثة تشبه رماد السيكارة وسمعت رأس احد الضباط الوحيد لامه يقول " اخ اخ اخ " وهو يتدحرج بعد ان فصلته قذيفة الحقد الاصفر الذي لاينقطع . اضحكي وقهقهي . لايفهم ما اقوله العاهرات ولا الواقفين على ابواب خيام السِفاح في الليالي الملاح الذين يجمعون قوت الشرف من فضلات نسائهم يوميا في جيوب النجاسة والنخاسة .
لكن " عليمن يا قلب تعتب عليمن " ومن حقه ان يفقد توازنه ضيفك ويقول " هذا الحلو كاتلني يا عمه " اضحكوا فالدماء تغلي والامر قريب والقصاص قادم ولن يكون فينا متخاذل او يائسٌ او نادم . اضحكي يابنت الذي قال ( مالي صحت يمة احوه ) وحين فارقت تراب البلد والاهل والولد بتُّ اردد " غريبة من بعد عينج يا يمه " لكن الغريب ان اسم الام غير موجود في صفحة التعريف الخاصة بك ولهذا قررنا ان نقول " جيت لأهل الهوى " عسى ان يسعفونا بالمزيد من المعلومات وبقينا نبحث وندور في التاريخ وعلى التراب وبين القبور ونقول : " جا وين أهلنه " ولكننا لم نروِ ضمأنا ولهذا قررت ان اسأل الحكيم وقلت له " اتوبه من المحبة الكلب ميتوب " فقال : عد الى رشدك وحاول ان تبني مجدك واعمل كما عمل جدك . ماذا ستقولي لو " عين بعين على الشاطئ تلاكينه " انصحك ان " تمشي ورا اللي يضحكك "
واخيرا اقول لك :
يا حولة صواب دلالي كلف من كلامج حتى ترضين الجماعة
بعد دقات القلب ما تنعرف تنقطع ما بين ساعة وساعة
دواي بعد ما أظن ينعرف وحجاياتج على كلبي الوحدة بألف
ونظراتج تسحر بس المنحرف . ترة جرحه زاد على الجروح اوجاعه
شلون علة علتي يا طبيبي دوم تهل دمعتي من حظي ونصيبي
علمت الحمام على ونتي واخذ طبعي من القهر وصار النوح طباعة
محمود الجاف