اليوم نقف في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ونحن نعاني من القوانين التي لازالت تتعامل مع المرأة كسلعة . فنجد قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 لايزال يحتوي بين نصونه على العديد من المواد التي تسمح بقتل واغتصاب وتعنيف النساء . وعلى الرغم من المناداة والحملات نحو تعديل تلك القوانين لتواكب الدستور العراقي لسنة 2005 ولكي تواكب المعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها العراق . نجد ان الحكومة العراقية والمشرعين متمسكين وبشدة بالقوانين التي تسمح بقتل النساء . مما يدعنا نتسائل لماذا يعتبر قتل النساء واغتصابهن من الامور التي يرضى المشرعين ؟ لماذا نصف المجتمع مهددة حياتة وامنة بسبب مواد تعتبر مخالفة للدستور والمعاهدات والمواثيق الدولية والاقرار العالمي لحقوق الانسان ؟
حيث نجد ان المادة 8 من الدستور العراقي تتكلم عن ان الدستور هو القانون الاسمى ولا يجب سن اي قانون يتعارض مع الدستور . وفي المادة 14 من الدستور العراقي التي تتكلم على ان العراقين متساوين بغض النظر عن الدين العرق الجنس واللون .
من هذه النقطه نرى ان مواد قانون العقوبات يخالف وبشدة مواد الدستور الذي يعتبر القانون الاسمى في العراق . اما بالنسبة للمعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها العراق فهذه النصوص تخترق كل معاهدات التي يلتزم بها العراق ومنها معاهدة ( سيداو , و ICCPR).
قمنا في السادس من اذار يتقديم طعن الى المحكمة الاتحادية حول المواد ( 409 , 128).
من قانون العقوبات العراقي 111لسنة 1969. وبما اني قمت شخصيا بكتابة هذا الطعن
فأني اوجز اسبابه كألاتي :
تتكلم المادة 409 من قانون العقوبات العراقي حول جرائم الشرف والذي تنص على
(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو احد محارمه في حالة تلبسھا بالزنا أو وجودھا في فراش واحد مع شريكھا فقتلھما في الحال أو قتل احدھما أو اعتدى علیھما أو على احدھما اعتداء افضى الى الموت أو الى عاھة
مستديمة ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفید من ھذا العذر ولا تطبق ضده احكام الظروف المشددة)
ويتم تخفيف العقوبة والاعفاء عن المجرم تحت بند المادة 128 تحت مسمى (جريمة لبواعث شريفة ) . رغم ان هذه الفقرة تحديدا لاتشمل جرائم الشرف وليس هنالك صلة بين المادتين , ويتبع هذا الموضوع اجتهاد القضاة . حيث ان نص المادة 128 من قانون العقوبات العراقي ( اعفاء او تخفيف العقوبة لجريمة لبواعث شريفة ) تشمل القتل دفاعأ عن النفس او في حالة محاولة الاغتصاب وهكذا .
نجد ان نفس قانون العقوبات وتحت المادة 406 منه النقطة (1 )(د) والتي تنص على
1_( يعاقب بالاعدام من قتل نفسا عمدا في احدى الحالات التالیة.)
د_( اذا كان المقتول من اصول القاتل.)
في حالة اذا وجدت المرأة زوجها يخونها في فراش الزوجية وقامت بقتلة فأنها تحكم بالاعدام
ولايتم تخفيف او اعفاء العقوبة . اما في حالة كانت الخيانة خارج فراش الزوجية وخارج بيت الزوجين فلا تعتبر جريمة اساسا . فأين المساواة التي تكلمت عنها المادة 14 من الدستور العراقي .
هل الشرف هو في اجساد النساء فقط ؟ ثم ان هذه المادة تعتبر اهانة للرجل قبل المرأة لانها تجعل الرجل او تصنفه كعديم للشرف . لماذا القانون يقتص من النساء فقط اليس تلك القوانين وضعت للعدل بين المواطنين العراقين . لماذا نرى اكثر من نصف المجتمع يقمع ويقتل وتغتصب حقوقه من قبل النصف الاخر .
هنالك نقطة مهمة اخرى احب ان اضع تركيزي عليها الا وهي ان جرائم الشرف هي ذريعة للعديد من الجرائم التي تمارس ضد النساء . من زنا المحارم وعند عدم موافقة الضحية من النساء على تلك الجريمة تذبح لهذا السبب او مشاكل الارث التي تذهب ضحيتها العديد من النساء او ايضا محاولات العديد من الرجال انهاء الزواج بدون اي خسائر مادية ( حقوق الزوجة ) والاطفال .
ونرى العديد من الرجال تقوم بالمتجارة بنسائهم وعند رفض تلك النسوة لهذه الممارسات تقتل تحت ذريعة جريمة الشرف .
القوانين العراقية اصبحت بالية جدا ولا تتناسب مع واقع التطور المدني والحقوق الانسانية . نحتاج الى قوانين تؤمن المساواة بين الرجال والنساء الى قوانين مدنية تحمي تحت ظلها النساء من تلك الجرائم البشعه والتي لا يتقبلها العقل او المنطق او الانسانية .
اسراء سلمان