لفت انتباهي تعليق لاحدهم حول ما حصل في يوم 9/4 من عام2003 حيث قال
(مشكور يا جورج بوش ماقصرت ويانه )
بداية لا بد من تقديم الاعتذار لمقام أبي الفضل العباس عليه السلام كون الاهزوجة التي ذكرت أعلاه كتبت بحقه لكراماته مع أصحاب الحوائج التي يعجز البيان عن وصفها ولا يكل اللسان عن ذكرها.
مهم جدا ان يعرف السيد بوش ان شكره لا يعني بالضرورة انه محط تقدير وإحترام بل لدوره الرئيسي في خلاص (نسبة كبيرة) من أبناء الشعب العراقي من سطوة صدام وظلمه، وإلا مهما كان شأنه"بوش" فهو لا يتعدى حجم ذبابة خلقها الله ليرغم بها أنوف المستكبرين امثال صدام ومن هم على نهجه الدموي.
بغض النظر عن تباين الآراء حول النتائج التي اعقبت يوم 4/9 ، إلا أن حرية الرأي والتعبير تكفل حق الجميع في إبداء وجهة نظره حول ماحصل.
ألذي حدث هو ان العراقيين طبقوا ممارسة حرية الرأي وعبروا عن أفكارهم بعد ان كان هذا المفهوم اشبه بالخيالي بالنسبة لكثير منهم كونه شعارا يقرأه اغلبهم في الكتب والإعدام مصير من فكر ولو همسا ان يعبر عن رأيه.
باي حال من الأحوال لايمكن مقارنة الوضع الحالي بالرغم من اشكالياته الكثيرة مع وضع العراق في عهد البعث.
ربما يقال أن المتنفذون فقط هم الذين يتمكنون من إيصال صوتهم واعتراضهم على اي إجراء تقوم به الدولة ولا يتمكن بسطاء الناس من ذلك وهو خلاف الحقيقة.
لقد وفرت مساحة التواصل الاجتماعي فرصة ثمينة للحديث حول أهم الأمور التي يصعب على عامة الناس الخوض بها وطالما شكلت عامل ضغط على السلطة وكثيرا ما ساهمت في تغيير كثير من القناعات حول بعض القرارات والشخوص والمناهج.
الذي حصل ان العراقيين تمكنوا من معرفة التوزيع الجغرافي للمقابر الجماعية التي تحوي رفاة "بعضا" من ابناءهم المغيبين لعقود من الزمن.
ايضا اكتشف العراقيون أن مصيرهم عبارة عن لعبة تتحكم بها الارادات والمصالح الدولية وإن الإنتماء القومي والمذهبي لهذا وذاك ما هو إلا مادة لشحن العواطف والتحكم بتوجيهها عندما تقتضي الحاجة ذلك.
"بالروح بالدم نفديك ياصدام "...تحت هذا الشعار باع بعض الناس جميع أثاث المنزل لشراء الطحين وبعض المواد الغذائية، ومن لا يملك الأثاث خلع ابواب المنزل ونوافذه لنفس الغرض.
"بأسم الدين...شلع قلع..وغيرها "... في ظل تلك الشعارات استعاد العراقيون ماتم بيعه سابقا وبأسعار خيالية ومن مناشيء عالمية، فصار السفر أمرا طبيعيا لشاب يبتغي النزهة في اي دولة يريد الذهاب إليها،
المفارقة العجيبة ان معارضي النظام السياسي الحالي هم الغالية المستفيدة من تشريعاته وقوانينه والذين وصل بهم الحال الى حد التخمة على مستوى الرصيد المالي والرفاهية التي حصلوا عليها جراء المناصب والامتيازات وغيرها، مع ملاحظة أمر مهم لاينبغي التغافل عنه يتعلق بامتعاض الكثير من فقراء الناس وعامتهم على فقدان العدالة في توزيع الثروات وقلة الاهتمام بالطبقات المسحوقة وعموم السياسات الخاطئة التي سار عليها النظام الحالي.
من زاوية أخرى نجد ان المنتفعين من نظام البعث هم اشد وفاء له من الذين حصلوا على منافع النظام الجديد فالواقع يشير إلى أن البعث كان يتعامل بحذر مي مسألة تقريب المنتفعين والتعامل معهم لكنهم برغم ذلك كانوا على درجة عالية من الإخلاص له والدفاع عنه والحنين الى أيامه بدليل مهاجمتهم لمجمل الحالة التي اعقبت انهياره، بل تمكنوا بذكاء من استمالة عواطف السذج واقناعهم بافضلية ما سبق من ناحية تقديمه للخدمة وإحترام المواطن والحفاظ على هيبة البلد التي ضاعت في ظل النظام الحالي!
غاية ما في الأمر أن الأوضاع التي رافقت عملية الخلاص من حكم البعث والتبعات التي اعقبت ذلك لم تكن في حسابات المؤيدين لابعاد صدام عن السلطة بل تمت وسط حالة من الرفض الشعبي والسياسي للآلية التي تمت بها، وإلا فما عاناه أبناء الشعب من حكم البعث لم يخطر على بال أحد.
وعليه لا يمكن مقارنة الوضع الحالي بما كان عليه بأي حال من الأحوال رغم الوضع السياسي المربك ونقص الخدمات واستشراء الفساد وجميعها كانت حاضرة في زمن البعث والفرق الواضح انه لا يمكن بل لا يحق لأحد الإعتراض او التعليق عليها كونه يخالف رغبة الحاكم الأوحد ألذي تعامل معه الناس كحقيقة ثابتة لا يمكن تغييرها وعليهم الرضوخ لانه...اذا قال صدام ..قال العراق.
عباس البخاتي