كلما ضعفت سلطة القانون طغت سلطة العشيرة وزادت تطرفا وإيذاء . اليوم في مجتمعي يتخوف الناس من من هذه السلطة التي بدأت تشكل تهديد عليهم فأبسط خلاف بينهم نرى الاسلحة بين المتوسطة والخفيفة . ويذهب العديد من القتلى نتيجة هذا الصراع اللامنطقي .وبعد انتهاء الاشتباك وحصر عدد القتلى يأتي التفاوض على الأموال التي سوف تدفع مقابل هذه الأرواح . نعم أموال ارى الاستغراب لديكم ولكن حياة الإنسان لدينا مقابلها أموال ويعفى عن القاتل . وترى الجروح تلتئم والقلوب تفارقها الحسرات بعد استلام تلك الأموال . ولكن الأمر لا يقتصر على الاموال لا بل يذهب الى أبعد من ذلك فنحتاج الى ضحية تدفع هذا الثمن طوال حياتها من ذل واهانة لتعامل معاملة العبيد فمن الذي سوف يباع ويدفع هذا الثمن اكيد وبدون اي تفكير المرأة هي التي سوف تدفعه . فإذا قام اي رجل بالعائلة بقتل إنسان يدفع الى أهل المقتول فتاة من عائلة وتسمى هذه الفتاة بالفصلية . وهنا دعوني اشرح لكم ما يحصل لهذه الفتاة تقوم عشيرة المقتول بطلب مبلغ مالي ومع هذا المبلغ عددا من النساء وقد يكون الاختيار هو عملية انتقائية فيختارون افضل فتيات العائلة الى اسوأ رجال العائلة الأخرى فتقوم هنا الفتاة بدفع الثمن عن شقيقها او اولاد عمها لكي يعيش هو حياة من الحرية بدون اي خوف أو خطر على حياته فتحمل تلك الفتاة ذنب جريمة لم ترتكبها وتحمل هذا الذل والاهانة ووجع الاغتصاب طوال عمرها . ولكي نتعمق في التفاصيل أكثر يجب اولا ان نفهم الوضع الذي يتم به هذا الزواج , ان هذا الزواج غالبا ما يتم خارج أسوار المحاكم عند رجال الدين فيقوم بعقد هذا الزواج فبالتالي تلك الفتاة ليس لها اي حقوق في القانون وليس لها صفة الزوجة أمامه وقد يحدث الطلاق بعد عدة أيام كنوع من الاهانة لها . والتصغير لعائلتها فنحن نعرف ان المرأة المطلقة تعتبر اهانة كبيرة في مجتمعنا , وفي هذه الأيام القلية التي تقضيها الفتاة كفصلية تنال أشد أنواع التعنيف من اهل المقتول فيصل الأمر الى الضرب والتعذيب ولا نرى اي رحمة اتجاهها وكل هذا يضاف إليه عملية الاغتصاب تحت مسمى الزواج . أما في حالة استمرار هذا الزواج فلا نرى امل لتلك الفتيات سوى استمرار استعبادها وليس لها اي حقوق انسانية . تسجل العديد من الحالات لزواج الفصلية وخصوصا في مناطق جنوب العراق ففي عام 2015 هز خبر اعطاء 40 امرأة كفصلية في شمال البصرة الامر الذي يعتبر انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والذي اصنفه انا شخصيا كعملية الاتجار بالبشر . اني هذه الظاهرة وان دلت على شئ فهي تدل على ضعف الدولة وعدم قدرتها على إيقاف هذه الممارسات رغم مخالفتها للمعاهدات الدولية و لنصوص الدستور العراقي وكذلك للقانون . ففي قانون الاحوال الشخصية العراقي المرقم 188 لسنة 1959 المادة التاسعة منه تنص على :
1_ لا يحق لأي من الأقارب أو الأغيار إكراه أي شخص، ذكراً كان أم أنثى على الزواج دون رضاه، ويعتبر عقد الزواج بالإكراه باطلاً، إذا لم يتم الدخول، كما لا يحق لأي من الأقارب أو الأغيار، منع من كان أهلاً للزواج، بموجب أحكام هذا القانون من الزواج.
2_ يعاقب من يخالف أحكام الفقرة (1 (من هذه المادة، بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة سنوات، وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا كان قريباً من الدرجة الأولى. أما إذا كان المخالف من غير هؤلاء، فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات، أو الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
3_ على المحكمة الشرعية، أو محكمة المواد الشخصية الإشعار إلى سلطات التحقيق لإتخاذ التعقيبات القانونية بحق المخالف لأحكام الفقرة (1 (من هذه المادة. ولها توقيفه لضمان حضوره أمام السلطات المذكورة، ويحق لمن تعرض للإكراه أو المنع، مراجعة سلطات التحقيق مباشرة بهذا الخصوص.
من واقع هذه النصوص القانونية نرى ان هذا الزواج هو باطل وهنالك عقوبات ولو كانت ليست كافية ولكن مجمل هذا القانون لا يطبق . فلن تقوم الضحية ( الفتاة ) بالتبليغ ولن يقوم اي أحد بمساعدة تلك الفتاة لكون تلك المساعدة سوف تفقد المجرم الأول الذي هو الاخ او الاب او اولاد العم حريتهم وبالتالي تجبر تلك الفتيات على التضحية . ونحن كناشطين لطالما سعينا الى مساعدة هذه الفتيات ولكن دوما كانت قوة العشيرة وهذه العادات التي تسببت بدمار حياة النساء وقضت على طموحهن واحلامهن بحياة إنسانية ما تقف بالضد منا . ان تلك الممارسات مرفوضة تماما وعدم تدخل السلطة القانونية ان دلت فتدل على موافقة المشرعين ومباركتهم لتلك الممارسات الاستعبادية بحق النساء فكم امرأة ضاعت احلامها وسعادتها وعاشت الذل لأجل رجل من عائلتها قاتل و رافض لدفع ثمن جريمة ؟ فلماذا النساء في بلدي تدفع ثمن جرائم الرجال ؟
اسراء سلمان