حققت الكتلة الصدرية المرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة، لكن الخلافات السياسية مع قوى الإطار التنسيقي عرقلت انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
حيث أصرً الإطار على حكومة توافقية، عطل مشروع الاصلاح الذي يدعيه السيد الصدر والمصر على تطبيقه وخلاف ذلك لا حدود لأي موقف حتى وإن كان الانسحاب من كل العملية السياسية.
وقد تبنى السيد الصدر لبرنامج "إصلاح" من شأنه اجتثاث الفساد وحصر السلاح بيد الدولة من خلال الفصل بين الحشد الشعبي والمجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران، وفق رؤيته الخاصة عبر تشكيل حكومة "غالبية وطنية" خاضعة للرقابة والمحاسبة، بعيداً عن المحاصصات التي أسّست للفساد وغياب المحاسبة.
وهذا ما فعله زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الذي قرر الانسحاب من العملية السياسية في البلاد وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين.
فمنذ تصديق المحكمة الاتحادية العليا على نتائج انتخابات 10 تشرين الأول الماضي، لم يستطع السيد الصدر الصدرية الذي تحالف مع "تحالف السيادة" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" بتمرير انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث جلسات بسبب موقف نواب قوى "الإطار التنسيقي" ومقاطعتهم تلك الجلسات.
حيث تحتاج جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اكتمال النصاب القانوني للجلسة المخصصة لذلك، أي حضور ثلثي أعضاء البرلمان (210 نواب)، وهو العدد المطلوب لمنح الثقة لمرشح الرئاسة.
الأسئلة التي تحتاج إلى جواب بعد هذا التحول الخطير:
هل أصبحت الساحة خالية أمام الاطار لتسيد الساحة السياسية؟، وهل يمكن للإطار ان يتحالف مع من كان يتهمهم بالعمالة وبشتى التهم الأخرى؟
انسحاب أعضاء الكتلة الصدرية أنهى الانسداد السياسي أم عقده؟
هل أصبح الطريق ممهداً أمام التوافقية؟
هل يكون هناك احتكام للشارع؟
وهل نتوقع مفاجئة بعيداً عن كل هذه الأسئلة؟
فقد دعا تحالف الإطار التنسيقي -الذي يضم القوى السياسية الشيعية باستثناء التيار الصدري- جميع القوى السياسية العراقية إلى المشاركة في الحوارات لتشكيل حكومة قوية.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة تستدعي الإسراع في بدء الخطوات لاستكمال الاستحقاقات الدستورية، وتشكيل حكومة منسجمة، وهذه الدعوة دلالة واضحة أن الاطار تنفس الصعداء بهذا الانسحاب، وإنه على استعداد للتحالف مع الجميع حتى وإن كان عميلاً للموساد من أجل عيون السلطة والمصلحة تعلو على الوطن.
وبخصوص التساؤل الآخر حتى وإن انتهى الانسداد السياسي وتم تشكيل الحكومة، قطعاً تولد ميتة وحتى إن رأت النور فلن تستمر طويلاً قد تكون أيامها لن تتجاوز بحساب الأشهر شهرين وبأحسن الأحوال ثلاثة أشهر.
والاجابة عن السؤال الذي يليه، يكون نفس جوابنا السابق لأن التوافقية هي دمار البلد وكل من يطالب بها هدفه تدمير البلد.
نعم هناك احتجاجات قادمة وأن تكون احتجاجات الصدريين أكثر حدة وذات مساحة أوسع وقد تنتشر إلى محافظات أخرى وستكون أكثر تنظيماً من تظاهرات التشرينيين لكونها بقيادة الصدر، و من الممكن حدوث احتكاك بين المتظاهرين والقوات الأمنية أو بعض الجماعات المسلحة التي لها موقف سياسي مناقض لموقف التيار الصدري.
أما الرد على التساؤل الأخير إن "سلاح الصدر السري يتمثل في شبكته الشعبية الواسعة من أنصاره وهيمنته على الشارع، وانسحاب نواب التيار الصدري مؤشر على النية لمواجهة منافسيه في الشارع.
إن إبعاد الصدر وحزبه عن الحكومة سينتج عنه فوضى، وأن أي حكومة تولد من عزلة الصدر "ستكون ميتة.
هذه مجمل الفرضيات أو الأسئلة التي يمكن أن تثار حول انسحاب نواب الكتلة الصدرية، وماهي السيناريوهات القادمة للوضع السياسي العراقي، والتي جاءت هذه الانسحابات مفاجئة للجميع وضربة موجعة للذين وضعوا أملهم بالمشروع الوطني التي تبنته هذه الكتلة للتخلص من المحاصصة البغيضة المستمرة منذ 2003 ولحد الآن، والتي لن تبقي ولم تذر.
د. صلاح الصافي