ربع ساعة كانت كفيلة بأصابتي بنوبة من الضحك الهستيري لأنني كنت أشاهد وكما يفعل غيري ، أحدى الممثلات وقد وضعت كمية هائلة من مواد التجميل بشكل صارخ ، وأيضا قد أجرت عدد لا بأس به من عمليات القص واللصق والشفط والنفخ ، وكانت في صحراء وتمثل دور المرأة البدوية المعذبة والمظلومة وهي تذرف الدموع المالحة.
تشويه تافه وسطحي للمجتمع البدوي الذي فيه من الميزات التي نحتاجها ونتمناها في مجتمعاتنا المصابة بأمراض كثيرة، والتي باتت منظومة القيم فيها تتعرض لضربات عنيفة ومدوية .
لقد ذكرت في السابق ، ولا بأس من الإعادة والتكرار أن المجتمع البدوي رغم أنه يعيش في بيئة جافة وفقيرة إلا أنه غني بموروثه وثقافته المتمسك بها والتي كانت طوق النجاة له ، كالعودة إلى شيخه الكبير أن كان رجل دين أو رمز قبيلته في المشاكل العويصة ، والأعمال المتوارثة أبا عن جد كالرعي وبيع الصوف ومشتقات الحليب والتي جعلت البطالة معدومة عند الصغير قبل الكبير.
كما أنني أدعو علماء الاجتماع إلى دراسة المجتمع البدوي ، حيث أنني أكتشفت أنه من أقل المجتمعات التي تعاني من مشاكل الطلاق وتوابعه في وقتنا الحاضر ، أيضا أقلهم ارتكاب للجرائم رغم الاختلاف الذي يعيشه بين مجتمع البدوي ومجتمع المدينة المليء بالتنوع والاغراءات ، وليس كما تصفهم الدراما البدوية حيث يظهره بأنهم مليئين بالانتقام والحقد وأن كل مجموعة تخطط للغدر بالآخر في الوقت المناسب .
دكتور حسين علي غالب - بريطانيا